حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[القول: فى الإيجاز والإطناب والمساواة]

صفحة 639 - الجزء 2

  ولا يعرف أن كل مقام أى مقدار يقتضى من البسط حتى يقاس عليه ويرجع إليه.

  والجواب: أن الألفاظ قوالب المعانى، ...


  عنه بعبارة طويلة، وهذا علة لقوله: إذ لا تعرف إلخ (قوله: ولا يعرف إلخ) عطف على قوله: إذ لا تعرف، وهذا بيان لكون البناء على البسط فيه رد للجهالة، وحاصله أن كون المقام يقتضي كذا وكذا لا أقل ولا أكثر مما لا ينضبط، فلا يكاد يعرف لتفاوت المقامات كثيرا ومقتضياتها مع دقتها، فقوله: ولا يعرف أن كل مقام أى: ولا يعرف جواب أن كل مقام، والمراد بالمعرفة المنفية هنا وفيما مر المعرفة التصورية، (وقوله: أى مقدار) مفعول مقدم ليقتضى، وقوله من البسط أى: من ذى البسط، وأصل التركيب ولا يعرف جواب أن كل مقام يقتضي أى: مقدار من الكلام المبسوط (قوله: حتى يقاس عليه) فيحكم بأن المذكور أقل منه أو أكثر، وهذا غاية للمنفى وهو المعرفة من قوله: ولا يعرف وضمير عليه راجع للقدر الذى يقتضيه المقام (قوله: ويرجع إليه) عطف تفسير (قوله: والجواب أن الألفاظ إلخ) هذا جواب عن الأول، وحاصله أنا لا نسلم أن المتعارف غير معروف، بل يعرفه كل أحد من البلغاء وغيرهم، وذلك لأن الألفاظ قوالب المعانى فهى على قدرها بحسب الوضع بمعنى أن كل لفظ بقدر معناه الموضوع له، فمن عرف وضع الألفاظ ولو كان عاميا عرف أى: معنى يفرغ فى ذلك القالب من اللفظ ضرورة أن المعنى الذى يكون على قدر اللفظ هو ما وضع له مطابقة، فإذا أراد تأدية المعنى الذى قصده عبر عنه باللفظ الموضوع له من غير زيادة ولا نقص، فالتصرف فى العبارة بما يوجب طولها وقصرها من اللطائف والدقائق الزائدة على أصل الوضع شأن البلغاء والمحققين، ولا يتوقف متعارف الأوساط واستعماله على ذلك، وحينئذ فمتعارف الأوساط معروف للبلغاء وغيرهم ومحدود معين عندهم فى كل حادثة وهو اللفظ الموجود للمعنى الذى أريد تأديته، وحيث كان المتعارف محدودا معينا فيقاس به ويصح التعريف به، ولا يكون فى البناء عليه رد للجهالة لوضوحه بالنسبة للبلغاء وغيرهم (قوله: الألفاظ قوالب المعانى) أى: لأنها من حيث فهمها منها أو من حيث وضعها لها مساوية لها، وعكس بعضهم نظرا إلى أن المعنى يستحضر أولا ثم يأتى باللفظ