حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[التفريق]

صفحة 63 - الجزء 4

  كقوله تعالى: {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا}⁣(⁣١) ونحو قوله:) - أى: قول أبى العتاهية -: علمت يا مجاشع بن مسعده (أن الشباب والفراغ والجده)⁣(⁣٢) أى: الاستغناء (مفسدة) أى: داعية إلى الفساد (للمرء أى مفسدة).

[التفريق]:

  (ومنه) أى: ومن المعنوى (التفريق؛ وهو إيقاع تباين بين أمرين من نوع


  ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر⁣(⁣٣)

  والمراد بالحكم المحكوم به ولو فى المعنى (قوله: المال والبنون زينة الحياة الدنيا) أى: يتزين بها الإنسان فى الدنيا وتذهب عن قريب، فقد جمع المال والبنون فى حكم وهو زينة الدنيا (قوله: أبى العتاهية) بوزن كراهية لقب لأبى إسحق إسماعيل بن القاسم بن سويد، وقولهم: اللقب لا يصدر بأب أو أم محله ما لم يشعر بمدح أو ذم كما فى أبو الشيخ وأبو لهب (قوله: علمت يا مجاشع بن مسعده) هذا الشعر من مشطور الرجز (قوله: إن الشباب) بكسر الهمزة على الحكاية فالبيت من الأشعار المشهورة التى ضمنها أبو العتاهية، يعنى قد علمت هذا البيت المشهور ويجوز فتحها (قوله: والفراغ) أى: الخلو من الشواغل المانعة من اتباع الهوى، والشباب حداثة السن مصدر شب الغلام يشب شبابا (قوله: أى الاستغناء) تفسير للجدة يقال وجد فى المال وجدا بكسر الواو ووجدا بفتحها ووجدا بضمها وجدة أى: استغنى، فللفعل المذكور أربعة مصادر ثبوت الواو مثلثة والرابع حذفها وتعويض الهاء عنها كعدة (قوله: مفسدة للمرء أى مفسدة) أى: مفسدة له مفسدة عظيمة، والمفسدة: الأمر الذى يدعو صاحبه للفساد، عبر عنه بالمفسدة مبالغة، والشاهد أنه قد جمع بين الشباب والفراغ والجدة فى حكم وهو كونها مفسدة للمرء.

[التفريق]:

  (قوله: إيقاع تباين إلخ) ليس المراد التباين المصطلح عليه بل المراد المعنى اللغوى،


(١) الكهف: ٤٦.

(٢) الرمز لأبى العتاهية وهو أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد. وهو من قصيدة تسمى أرجوزة ذات الأمثال.

(٣) أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ٧٩، والأغانى ص ٨٠ فى ترجمة محمد بن وهيب، وهو فى شرح عقود الجمان ص ١٩٧ ومنسوب لأبى تمام.