حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[الهزل يراد به الجد]

صفحة 142 - الجزء 4

[الهزل يراد به الجِدّ]:

  (ومنه) أى ومن المعنوى (الهزل الذى يراد به الجد كقوله

  إذا ما تميمىُّ أتاكَ مُفَاخِرَّا ... فَقُل عَدٌ عَن ذا كيفَ أكلكَ للضّبٌ)

[تجاهل العارف]:

  (ومنه) أى ومن البديع المعنوى (تجاهل العارف وهو كما سماه الساكاكى سوق المعلوم .......................................................................)


[الهزل يراد به الجد]:

  (قول: الهزل الذى يراد به الجد) أى: وهو أن يذكر الشئ على سبيل اللعب والمباسطة، زيقصد به أمر صحيح في الحقيقة، والفرق بينه وبين النهكم أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل وهذا بعكسه، وهو واقع في كلامهم كثيرا، كقول الإمام مالك لبعض تلامذته حين سأله: أتعرف بيت قدامة؟ وكان ذلك البيت بلعب فيه بالحمام ومنه قول ابن نباتة:

  سلب محاسِنُكَ الغزالَ صفاته ... حتى تحيَّرَ كُلٌ ظبيِ فيكا

  لك جيدُه ولحاظُه ونِفَارُه ... وكذا نظيرُ قرونهِ لأبيكا

  - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -والجد بكسر الجيم ضد الهزل الذى هو اللهر واللعب (قوله: كقوله) أى الشاعر وهو أبو نواس (قوله: إذا ما تميميِّ إلخ)⁣(⁣١) أى: فقولك للتميمي وقت مفاخرته بحضورك لا تفتخر، وقل لى كيف أكلك للضب هزل ظاهر لكنك تريد به الجد، وهو ذم التميمي بأكله الضب وأنه لا مفاخرة مع ارتكابه أكل الضب الذى يعافه أشراف الناس، وعلم من هذا أن الهزلية باعتبار استعمال الكلام، والجدية باعتبار ما قصد منه فى الحالة الراهنة (قوله: عد عن ذا) أى جاوز هذا الافتخار بتركه وحدثنا عن أكلك الضب تأكله على أى حالة فعد أمر من عدى بمعنى يجاوز.

[تجاهل العارف]:

  (قوله: وهو كما سماه إلخ) كان الظاهر أن يقول: وهو ما سماه السكاكى إلخ إلا أنه اعتبر المغايرة من حيث إنه يسمى بتجاهل العارف، ومن حيث إنه يسمى بالسوق،


(١) لأبى نواس في الإيضاح ص ٥٣٠.