[الوجه الواحد وغيره والحسى والعقلى]
  وقد لاح فى الصّبح الثّريّا كما ترى ... كعنقود ملّاحيّة(١)
  بضم الميم، وتشديد اللام: عنب أبيض فى حبه طول؛ وتخفيف اللام أكثر (حين نوّرا) أى: تفتح نوره.
  (قوله: وقد لاح) أى: ظهر (وقوله: الثريا) اسم لجملة أنجم مجتمعة (قوله: كما ترى) الكاف لتشبيه مضمون جملة «قد لاح» بمضمون جملة «ترى» كما فى تشبيه مفرد بمفرد ولا فعل يتعلق به الجارّ هنا كما نص عليه الرضى، والمعنى: الثريا الشبيهة بعنقود الملّاحية لاحت فى الصبح كما ترى أى: لاحت على حالة شبيهة بالحالة التى تراها عليها بقطع النظر عن صغرها أو كبرها، ويصح جعل قوله «كما ترى» حالا من الثريا أو صفة لها والكاف بمعنى «على» أى: قد ظهر فى الصبح الثريا حالة كونها كائنة على الحالة التى تراها عليها كعنقود ... إلخ، فهو يشير إلى أن التشبيه بحسب الرؤية لا بحسب الحقيقة؛ لأنها فى نفس الأمر كواكب كبار، ويصح جعل قوله «كما ترى» صفة لمصدر محذوف أى: قد ظهرت الثريا ظهورا مثل ما تراه من المرئىّ المحسوس حالة كونها مماثلة لعنقود الملّاحية (قوله: كعنقود ملاحية) الإضافة بيانية (قوله: فى حبه طول) ليس المراد بحبه بذره، بل المراد بحبه وحداته كما يدل له قول القاموس الملّاحية عنب أبيض طويل (قوله: وتخفيف اللام أكثر) أى: وإن كانت الرواية فى البيت التشديد - قال ابن قتيبه: لا أعلم هل التشديد فيه ضرورة أو لغة فيه (قوله: حين نوّرا) أى: حالة كون العنقود حين نور، وفى هذا تنبيه على أن المقصود تشبيه الثريا بالعنب فى حال صغره؛ لأنه فى حال تفتح نوره يكون صغيرا - كذا قرر بعضهم، وفيه أنه حين تفتح نوره يكون أخضر لا أبيض فيلزم إلغاء البياض فى التشبيه، وقد اعتبره الشاعر، وأيضا يكون صغيرا جدّا كالكزبرة أو الحمص وهو أصغر فى المرأى بالنسبة للأنجم، ولذا قرر شيخنا العدوى أن المراد بقوله: حين نوّر حين قارب الانتفاع به لا حقيقته كما يتبادر من الكلام وعبر عن ذلك المراد بنوّر أى: تفتح نوره؛ لأن انفتاح النور يحصل معه ويلابسه الانتفاع فى الجملة والنور الزهر ونور العنب أبيض مستدير خلافا لمن وهم، وقال: إنه لا نور له
(١) البيت لأبى قيس بن الأسلت أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص ١٨٠.