حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[الوجه الواحد وغيره والحسى والعقلى]

صفحة 119 - الجزء 3

  (وفيما) أى: والمركب الحسى فى التشبيه الذى (طرفاه مركبان كما فى قول بشار⁣(⁣١):

  كأنّ مثار النقع) من: أثار الغبار: هيجه (فوق رءوسنا وأسيافنا ليل ...


  من متعدد فيصدق حتى على مجموع المقيد والقيد خلافا لما يفهم من الشارح، وأتى بقوله: والتقييد لا ينافى: إلخ دفعا لما يتوهم من أن المشبه به هو عنقود الملّاحية حين كان كذا فهو مركب لا مفرد (قوله: أى والمركب الحسى) أى: ووجه الشبه المركب الحسى فى التشبيه الذى طرفاه مركبان (قوله: كما فى قول بشار) أى: كوجه الشبه الذى فى قول بشار بن برد (قوله: كأن مثار النقع) مثار - بضم الميم - اسم مفعول من أثار الغبار: هيجه وحركه، والنقع: الغبار، والإضافة من إضافة الصفة للموصوف أى: كأن الغبار المثار أى: المهيج والمحرك من أسفل لأعلى بحوافر الخيل (وقوله: فوق رءوسنا) أى: المنعقد فوق رءوسنا، وأنشد ابن جنى فى مجموعه «فوق رءوسهم وأسيافنا»، وكذلك أنشده الخفاجى فى سر الفصاحة، وابن رشيق فى العمدة، وهذه الرواية أحسن من جهة المعنى؛ لأن السيوف ساقطة على رءوسهم فلا بد أن يكون النقع على رءوسهم ليحصل التشبيه - كذا فى عروس الأفراح، وفى الأطول: مثار النقع اسم مفعول وإضافته لما بعده بيانية ولو جعل كأن للتشبيه لم يكن المحذوف من أركان التشبيه إلا الوجه، وإن جعل للظن كانت أداة التشبيه أيضا محذوفة ويكون كقولهم: أظن زيدا أسدا فيكون أبلغ، وهكذا كل تشبيه مشتمل على كلمة كأن - اه.

  (قوله: وأسيافنا) الواو بمعنى مع فأسيافنا مفعول معه والعامل فيه مثار؛ لأن فيه معنى الفعل وحروفه ولم تجعله منصوبا بـ كأن عطفا على اسمها وهو مثار لئلا يتوهم أنهما تشبيهان مستقلّان كل منهما تشبيه مفرد بمفرد، وأن المعنى: كأن النقع المثار ليل وكأن أسيافنا كواكبه، وهذا لا يصح الحمل عليه لما صرحوا به من أنه متى أمكن حمل التشبيه على المركب فلا يعدل عنه إلى الحمل على المفرد؛ لأنه تفوت معه الدقة التركيبية المرعية فى وجه الشبه، ولأن قوله: «تهاوى كواكبه» تابع لليل؛ لأنه صفة له فتكون الكواكب


(١) البيت لبشار بن برد، ديوانه ١/ ٣١٨، والمصباح ١٠٦، ويروى [رءوسهم] بدل [رءوسنا].