[أقسام التشبيه باعتبار طرفيه]
  لم يستره غيم (قد شابه) أى: خالطه (زهر الربا) خصّها؛ لأنها أنضر، وأشد خضرة، ولأنها المقصود بالنظر (فكأنما هو) أى: ذلك النهار المشمس الموصوف (مقمر) أى: ليل ذو قمر؛ لأن الأزهار باخضرارها قد نقصت من ضوء الشمس حتى صار يضرب إلى السواد، فالمشبه مركب، والمشبه به مفرد ...
  وكأنه يقول: تريا كيفية تلك الوجوه وهو كونها ذات إشراق مخلوط باسوداد (وقوله: نهارا مشمسا) أى: ضوء نهار؛ لأن النهار لا يرى من حيث إنه زمان (قوله: لم يستره غيم) بيان لفائدة وصف النهار بكونه مشمسا (قوله: أى خالطه) أى: خالط ذلك النهار أى: خالط ضوؤه (قوله: زهر الربا) الزهر - بفتح الزاء، والهاء - وقد تسكن هاؤه، والربا: جمع ربوة - بضم أوله وفتحه - المكان المرتفع، وفى الكلام حذف مضاف أى: لون زهر الربا، وأراد بالزهر النبات مطلقا وأطلق عليه زهرا مجازا؛ لأنه أحسن ما فيه، والدليل على أن المراد بالزهر النبات مطلقا قول الشارح: لأن الأزهار باخضرارها ... إلخ (قوله: خصّها) أى: الربا بالذكر دون سائر البقاع (وقوله: لأنها) أى: الربوة أنضر أى: من غيرها (قوله: وأشد خضرة) عطف تفسير، وأراد أنها أنضر باعتبار ما فيها من الزرع، ويحتمل أن الضمير فى خصّها لزهر الربا وأنّث الضمير لاكتساب الزهر التأنيث من المضاف إليه (وقوله: لأنها) أى: زهر الربا أنضر وأشد خضرة أى: من زهر غيرها.
  قال فى الأطول: يمكن أن يقال: خصّه؛ لأنه تخالطه الشمس فى أول طلوعها، وتشبيه أول النهار بالليل المقمر أظهر؛ لأن نور الشمس فيه أضعف (قوله: ولأنها المقصود بالنظر) أى: لأن الشخص بحسب الشأن يبدأ بالنظر للعالى، ثم بما دونه. وذكر بعضهم أن قوله: ولأنها المقصود بالنظر أى: فى قول الشاعر: تقصيّا نظريكما تريا وجوه الأرض ... إلخ (قوله: أى ذلك النهار) أى: ضوء ذلك النهار المشمس (وقوله: الموصوف) أى: بأنه قد خالطه لون زهر الربا (قوله: لأن الأزهار ... إلخ) علّة لقوله فكأنما هو مقمر (قوله: قد نقصت) بتشديد القاف وتخفيفها، ومفعوله محذوف أى: شيئا من ضوء الشمس (قوله: حتى صار) أى: الضوء يضرب إلى السواد أى: تميل إليه فصار بذلك النهار المشمس كالليل المقمر لاختلاط ضوئه بالسواد (قوله: فالمشبه مركب) وهو النهار المشمس الذى