[مفارقة الاستعارة للكذب]
  وسحبان بالفصاحة، وباقل بالفهاهة؛ فحينئذ يجوز أن يشبه شخص بـ حاتم فى الجود، ويتأول فى حاتم فيجعل كأنه موضوع للجواد؛ سواء كان ذلك الرجل المعهود، أو غيره - كما فى: الأسد - فبهذا التأويل يتناول حاتم الفرد المتعارف المعهود، والفرد الغير المتعارف، ويكون إطلاقه على المعهود - أعنى: حاتما الطائى - حقيقة، وعلى غيره ممن يتصف بالجود استعارة، نحو: رأيت اليوم حاتما.
  (وقرينتها) يعنى: أن الاستعارة لكونها مجازا لا بدّ لها من قرينة مانعة عن إرادة المعنى الموضوع له. وقرينتها: ...
  سمىّ مادرا؛ لأنه سقى إبلا له من حوض فلما فرغت الإبل من الشرب بقى فى أسفل الحوض ماء قليل فسلح فيه ومدر الحوض به - أى: حرك ماءه به - بخلا خوفا من أن يستقى من حوضه أحد (قوله: وسحبان) هو فى الأصل صيّاد يصيد ما مرّ به، ثم جعل علما للبليغ المشهور والمناسبة ظاهرة - ا. هـ أطول.
  (قوله: وباقل بالفهاهة) أى: وباقل المتضمن الاتصاف بالفهاهة - أى: العجز عن الإفصاح عما فى الضمير - وهو اسم رجل من العرب كان شديد العىّ فى النطق، وقد اتفق أنه كان اشترى ظبيا بأحد عشر درهما فقيل له: بكم اشتريته ففتح كفيه، وفرّق أصابعه، وأخرج لسانه ليشير بذلك إلى أحد عشر، فانفلت منه الظبى، فضرب به المثل فى العىّ (قوله: فحينئذ) أى: فحين إذ تضمن العلم كحاتم نوع وصفية يجوز ... إلخ (قوله: ويتناول فى حاتم ... إلخ) أى: فالتأويل بعد التشبيه ولا يتوقف هو على التشبيه، وبهذا اندفع ما يقال: إنه إذا كان فردا من أفراده فكيف يصح التشبيه حينئذ؟! (قوله: وقرينتها) أى: والقرينة الثابتة لها، وإنما ثبتت لها لكونها مجازا كما أشار له الشارح. قال العلّامة عبد الحكيم: وأشار الشارح بهذا الدليل العامّ الجارى فى كل مجاز سواء كان مرسلا أو استعارة إلى أن تخصيص قرينة الاستعارة بالبيان إنما هو للاعتناء بشأنها وإلا فالقرينة لازمة فى كل مجاز - اه.
  وفى الأطول: أن ما ذكره المصنف من التقسيم غير مختصّ بقرينتها، بل يجرى فى قرينة المجاز المرسل والمكنية، ولا داعى إلى جعل قرينة المكنية واحدا والزائد عليه ترشيحا - اه.