[فصل]
  هو فى اللغة الاقتطاع والارتجال (وهو) أى الاقتضاب (مذهب العرب الجاهلية ومن يليهم من المخضرمين) - بالخاء والضاد المعجمتين - أى الذين أدركوا الجاهلية والإسلام مثل لبيد. قال فى الأساس: ناقة مخضرمة أى جدع نصف أذنها ومنه المخضرم الذى أدرك الجاهلية والإسلام كأنما قطع نصفه حيث كان فى الجاهلية (كقوله:
  لو رأى الله أنّ فى الشّيب خيرا ... جاورته الأبرار فى الخلد شيبا(١))
  بالمحافظة على الصلاة ولا ملاءمة بينهما، وكما فى قوله تعالى {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}(٢) إذ لا مناسبة بينه وبين قوله قبل: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ}(٣) إلى آخر الآيات (قوله: لاقتطاع) أى: لأن فى هذا قطعا عن المناسبة (قوله: الارتجال) بالجيم أى: الانتقال من غير تهيؤ (قوله: وهو مذهب العرب الجاهلية) أى كامرئ القيس، وزهير بن أبى سلمى، وطرفة بن العبد، وعنترة (قوله: ومن يليهم من المخضرمين) أى: مثل لبيد، وحسان بن ثابت، وكعب بن زهير (قوله: أى الذين أدركوا الجاهلية والإسلام) أى: الذين مضى بعض عمرهم فى الجاهلية، وبعضهم مضى فى الإسلام (قوله: جدع) بالدال المهملة أى: قطع نصف أذنها (قوله: كأنما قطع نصفه) أى: سمى بذلك؛ لأنه لما فات جزء من عمره فى الجاهلية صار كأنه قطع نصفه أى: ما هو كالنصف من عمره؛ لأن ما صدف به الجاهلية وكان حاصلا منه فيها ملغى لا عبرة به كالمقطوع (قوله: كقوله) أى: قول الشاعر وهو أبو تمام وهو من الشعراء الإسلامية كان موجودا فى زمن الدولة العباسية وذمه للشيب جريا على عادة العرب فلا ينافى ما ورد من الأحاديث بمدح (قوله: لو رأى الله) أى: لو علم الله أن فى الشيب خيرا، (وقوله: جاورته) الضمير لله تعالى، والمراد بالخلد الجنة، والمراد بالأبرار خيار الناس أى: لأنزل الله الأبرار فى المنزل الذى خصهم به من الجنة فى حال كونهم شيبا؛ لأن الأليق
(١) البيت لأبي تمام يذم الشيب.
(٢) القيامة: ١٦.
(٣) القيامة: ٣.