حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[القصر]

صفحة 222 - الجزء 2

  (كثير، نحو: ما فى الدار إلا زيد) على معنى أن الحصول فى الدار المعينة مقصور على زيد (وقد يقصد به) أى: بالثانى (المبالغة ...


  لا صحة القصر الحقيقى على أن قصد الأوصاف الوجودية فقط لو سلمنا كونه عذرا لم يندفع به ما ذكر، إذ من الصفات الوجودية ما يستلزم نقيض إحداهما عين الأخرى كحركة الجسم وسكونه فيلزم ذلك المحال قطعا، إذ من جملة المنفيات الحركة فيلزم ثبوت السكون عند انتفائها ولا يتأتى نفيهما معا لمساواة كل منهما لنقيض الآخر - كذا قال الفنرى، ورد هذا بأن غايته الامتناع فى بعض الأحيان وهو ما إذا كان الموصوف الجسم والوصف غير الحركة والسكون وهو ظاهر (قوله: كثير) أى: لعدم التعذر بالإحاطة فلا محالية بالأولى (قوله: ما فى الدار إلا زيد) أورد على هذا المثال بأن الكون فى الدار المعينة لا ينحصر فى زيد؛ لأن الهواء الذى لا يخلو منه فراغ عادة كائن فى الدار، فإن أجيب بأن المراد نفى الكون عن نوع زيد بأن يكون التقدير ما فى الدار إنسان أو أحد إلا زيد ليقع الاستثناء متصلا قلنا صار القصر إضافيا، ولزم صحة هذا فى قصر الموصوف على الصفة الذى جعل متعذرا أو محالا، إذ يصح قولك ما هذا الثوب إلا أبيض بتقدير ما هذا الثوب ملونا بشئ من الألوان غير البياض، فالأولى التمثيل بقولنا لا واجب بالذات إلا الله وما خاتم الأنبياء إلا محمد ÷ انتهى يعقوبى.

  (قوله: المعينة) أخذ هذا القيد من جعل اللام فى الدار للعهد ولا بد من هذا القيد، وذلك لأنه إذا أريد دار معينة صح أن تحصر هذه الصفة وهى الكون فيها فى زيد فلا يكون فيها غيره أصلا، وأما لو أريد مطلق دار فلا يصح إذ لا يتأتى عادة حصر الكون فى مطلق الدار فى زيد، إذ لا بد من كون غير زيد فى دار ما.

  (قوله: أى بالثانى) أى: وهو قصر الصفة على الموصوف قصرا حقيقيا، قال الفنارى: وإرجاع الضمير إلى الحقيقى مطلقا، بل إلى مطلق القصر أصح وأشمل، إذ لا مانع من اعتبار القصر الادعائى فى الإضافى - اللهم إلا أن يقال: إنه لم يقع مثله فى كلام البلغاء، وإن جاز وأفاد عقلا (قوله: المبالغة) أى: فى كمال الصفة فى ذلك الموصوف