(8) - الالتزام والتطبيق لما يدعو إليه:
  وَكَمْ عَانَتِ الأُمَّةُ مِنْ دُعَاةٍ خَالَفَتْ أَفْعَالُهُمْ أَقْوَالَهُم، وَلَقَدْ أَبْدَعَ مَنْ قَالَ فِي وَصْفِهِمْ: «عُلَمَاءُ السُّوءِ جَلَسُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ يَدْعُونَ إِلَيْهَا النَّاسَ بِأَقْوَالِهِمْ، وَيَدْعُونَهُمْ إِلَى النَّارِ بِأَفْعَالِهِمْ، فَكُلَّمَا قَالَتْ: أَقْوَالُهُمْ لِلْنَاسِ هَلُمُّوا، قَالَتْ: أَفْعَالُهُمْ لاَ تَسْمَعُوا مِنْهُمْ، فَلَوْ كَانَ مَا دَعَوا إِلَيْهِ حَقًّا كَانُوا أَوَّلَ الْمُسْتَجِيبِينَ لَهُ، فَهُمْ فِي الصُّوَرِ أَدِلاَّء، وَفِي الْحَقِيقَة قُطَّاعُ طَرِيقٍ».
  وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ:
  إِذَا الْعِلْمُ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ صَارَ حُجَّةً ... عَلَيْكَ وَلَمْ تُعْذَرْ بِمَا أَنْتَ حَامِلُ
  فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أُوتِيتَ عِلْماً فَإِنَّمَا ... يُصَدِّقُ قَوْلَ الْمَرْءِ مَا هُوَ فَاعِلُ
  وَقَالَ آخَرُ:
  وَكُنْ عَامِلاً بَالْعِلْمِ فِيمَا اسْتَطَعْتُهُ ... لِيُهْدَى بِكَ الْمَرْءُ الَّذِي بِكَ يَقْتَدِي
  وَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ #: لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَنْ يَعِظَهُ: «لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الآخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الأَمَلِ، يَقُولُ: فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيهَا بَعَمَلِ الرَّاغِبِينَ»، إِلَى قَوْلِهِ: «يَنْهَى وَلاَ يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ بِمَا لاَ يَأْتِي»، إِلَى أَنْ قَالَ: «يَصِفُ الْعِبْرَةَ وَلاَ يَعْتَبرُ، وَيُبَالِغُ فِي الْمَوْعِظَةِ وَلاَ