مناظرة مع ملحد،

القاسم بن إبراهيم الرسي (المتوفى: 246 هـ)

[توحيد الخالق]

صفحة 306 - الجزء 1

  يهتدي أبدا. فليت شعري من هذا الذي يدعونه إلى مذهبهم.

  قال الملحد: لعمري لقد ألطفت في الاستخراج على القوم، ولعمري إن هذا مما يقطع شغبهم، ولكنهم يقولون: لما كان في العالم خير وشر، دلنا ذلك على أنهما من أصلين قديمين.

  قال القاسم #: أما وجود الخير والشر في العالم، فإنا نجده؛ إلّا أن هذا يدلنا على أن صانع العالم واحد.

  والدليل على ذلك: أن الخير والشر، معتقبان على الخيّر والشرير، ووجدناهما محدثين، وقد قدمنا الكلام في هذا المعنى بما فيه كفاية، وبيّنا أن العالم أصله وفرعه محدث، وأن المحدث يقتضي المحدث، (فإن كان حكم فاعله كحكمه، أوجب ذلك حدوث صانع العالم، ويقتضي المحدث)، فإن كان هذا هكذا، فلكل صانع صانع، إلى ما لا نهاية له، وقد بيّنا فساده آنفا.

  ووجه آخر وهو: أن الخير والشر ليس اختلافهما يدل على قدمهما، ليس اختلافهما بأعظم من اختلاف الصور والهيئات. وقد قلنا: إن اختلافهما يدل على من خالف بينها، واخترعها مختلفة، فلو كان الخير والشر وسائر المختلفات قديمة، لكان فيها دفع الضرورات.

  ووجه آخر: ذلك أنا نرى خيرا لمعنى، وشرا لمعنى آخر، ونرى الخير والشر