الصحيفة السجادية،

الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (المتوفى: 94 هـ)

من دعائه # إذا استقال من ذنوبه أو تضرع في طلب العفو عن عيوبه

صفحة 130 - الجزء 1

  ذَلِكَ عَنْ أَنْ جَرَيْتُ إلَى سُوْءِ⁣(⁣١) مَا عَهِدْتَ مِنّي! فَمَنْ أَجْهَلُ مِنِّي يَا إِلهِيْ بِرُشْدِهِ؟ وَمَنْ أَغْفَلُ مِنِّي عَنْ حَظِّهِ؟ وَمَنْ أَبْعَدُ مِنِّي مِنِ اسْتِصْلاَحِ نَفْسِهِ حِيْنَ أُنْفِقُ مَا أَجْرَيْتَ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ فِيمَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِكَ؟! وَمَنْ أَبْعَدُ غَوْراً فِي الْبَاطِلِ، وَأَشَدُّ إقْدَاماً عَلَى السُّوءِ مِنّي، حِينَ أَقِفُ بَيْنَ دَعْوَتِكَ وَدَعْوَةِ الشَّيْطَانِ، فَأتَّبِعُ دَعْوَتَهُ عَلَى غَيْرِ عَمًى مِنِّي فِيْ مَعْرِفَةٍ بِهِ، وَلا نِسْيَانٍ مِنْ حِفْظِي لَهُ؟! وَأَنَا حِينَئِذٍ مُوقِنٌ بِأَنَّ مُنْتَهَى دَعْوَتِكَ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمُنْتَهَى دَعْوَتِهِ إلَى النَّارِ.

  سُبْحَانَكَ! مَا أَعْجَبَ مَا أَشْهَدُ بِهِ عَلَى نَفْسِي، وَأُعَدِّدُهُ مِنْ مَكْتُوْمِ أَمْرِي؛ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَاتُكَ⁣(⁣٢) عَنِّيْ، وَإِبْطاؤُكَ عَنْ مُعَاجَلَتِي، وَلَيْسَ ذلِكَ مِنْ كَرَمِي عَلَيْكَ، بَلْ تَأَنِّياً مِنْكَ لِي، وَتَفَضُّلاً مِنْكَ عَلَيَّ، لِأَنْ أَرْتَدِعَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ الْمُسْخِطَةِ، وَأُقْلِعَ عَنْ سَيِّئَاتِي الْمُخْلِقَةِ⁣(⁣٣) وَلأِنَّ عَفْوَكَ عَنِّيْ أَحَبُّ إِلَيْكَ


(١) في (د): سُوَءِ.

(٢) أناتك: حلمك.

(٣) سيئاتي المخلقة: التي صيرتني كالثوب الخلق البالي ... الذي لا قيمة له.