إعراب أذكار الصلاة المكتوبة وكشف أسرارها المحجوبة،

علي بن محمد البكري (المتوفى: 882 هـ)

[الكلام على دعاء التوجه وإعرابه]

صفحة 54 - الجزء 1

  القلب، يُقارن وجودها وُجودَ الفِعل، وقد تتقَدَّمُهُ، ولا تُسَمَّى الإِرادَةُ نِيَّةً إِلا إذا كانت هي والمنوِيُّ من فاعل واحِدٍ، ويجب أن يَكونَ الفِعلُ بِها يَقَعُ عَلَى وَجهِ دُونَ وَجهِ، فَإِنَّ مَا يَتَعَلقُ بِمُجرَّدِ الحُدوثِ لا يُسَمَّى نِيَّةٌ، وهي أيضًا مُقيدةٌ لِلضَّمير، فلا يُوصَفُ اللهُ بِأَنَّ لَهُ نيَّة.

  فإذا نَوَى العَبدُ ما ذكرناهُ أَوَّلاً افْتَتَحَ الصَّلاةَ بأن يَقُولَ:

  «اللهُ أَكْبَرُ»، أي: لَا إِلَهَ إِلا الذي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ والأرض أكبرُ مِن كُلِّ شَ يَكبُرُ قَدرُهُ في النُّفُوس، فالتَّعبُدُ لَهُ أَفضَلُ مِن كُلِّ عَمَل يُرجَى نَفَعُهُ، ويُرِيدُ في حالِ التَّكْبِيرِ الإحرام، وهو تَحرِيمُ كُلِّ قَولٍ وفِعل بَعدَ الإحرام بالتكبيرِ سِوَى تأدية ما أُمِرَ بِهِ مِن الأذكار والأركان، ويَستَحضر عند الإحرام عَظَمَةَ مَن يُحرمُ لمُخاطَبَتِهِ، والتَّعبُدَ لَهُ، ويُوَطِّنُ نَفْسَهُ بعَزم صادِق على استيفاء جميع الأذكار والأركان، على الوجه الذي أُمِرَ بِهِ، وهو تأدِيَةٌ الذَّكرِ قاصدًا معاني ألفاظِهِ غير مستعجل، وتأدية الركن كاملاً.

  واسمُ اللهِ مَرْفُوعٌ بِالابْتِداء، وأفعَلُ التَّفضِيلِ خَبَرُهُ، عَلَيْهِ مَحذُوفٌ لِلعِلم بِهِ، وتَقدِيرُهُ ما تَقَدَّمَ.