غرة وجه البيان في متشابه القرآن،

الحسن بن صلاح الداعي (المتوفى: 1120 هـ)

[القسم الأول من المتشابه]

صفحة 23 - الجزء 1

  وقال يعقوب عليه السالم لأولاده: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}⁣(⁣١).

  وقول نبينا محمد # فيما علمه ربه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}⁣(⁣٢).

  وقال الله تعالى له: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}⁣(⁣٣) {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}⁣(⁣٤) {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}⁣(⁣٥) {اتَّقِ اللَّهَ}⁣(⁣٦) وكل ذلك لا يكون إلا بِعَمَلِهِ # مع توفيق الله وإعانته عليه; لا أنَّه خَلَقَ ذلك فيه!

  وانظُر إلى الشيطان - لعنه الله قال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}⁣(⁣٧) في غير آية⁣(⁣٨)، فنسب الظلم والإغواء إلى الله تعالى، فهو إمام المجبرة وسلف المشركين، وسلف جميع المجبرة والشياطين.

  ويقال: العدلُ هَاشِمِيٌّ، والجبر أُموي؛ لأنَّ معاوية - لعنه الله تعالى - شيخُ المجبرة وإمَامُهم، وأوَّلُ من تكلَّم في الجبرِ لهم⁣(⁣٩)، وعلى الجملة فالمجبرةُ أَضَلُّ خلق الله مع كثرتهم، وهم النواصب⁣(⁣١٠)، والنوابت، وفيهم الإرجاء الآن، فقد جمعوا بين الإرجاء، والجبر، والتشبيه، والتجسيم، بما رووه ودوَّنوه ودانُوا به من أنَّ الله يُرى يوم القيامة، يراه المؤمنون، وبعضهم يقول: وفي الدنيا أيضًا، وهذا عين التجسيم، إذ لا


(١) سورة يوسف: ١٨.

(٢) سورة سبأ: ٥٠.

(٣) سورة الزمر: ٦٥.

(٤) سورة هود: ١١٢.

(٥) سورة التحريم: ٩.

(٦) سورة الأحزاب: ١.

(٧) سورة الحجر: ٣٩.

(٨) وفي سورة الأعراف: ١٦ {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}.

(٩) شرح الأساس ٢/ ٢٨، والشافي ١/ ١٤٠، الينابيع ١٧٢.

(١٠) النواصب: من نصب العداء لآل محمد، قال في القاموس: النواصب والناصبية وأهل النصب: المتدينون ببغضة علي # لأنهم نصبوا له أي: عادوه.

أي لا يرى في جهة من الجهات، ولا على صفة من الصفات تمت [منه]. قلت [المحقق]: وهذا محال، لأن قولهم (يُرى) إثبات للرؤية والتجسيم وقولهم (بلا كيف) لا معنى لها، إلا أن يكون المراد هو العلم بالله، مثل قول الشاعر:

رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثرهم جنودًا

أي: علمتُ، فالخلاف لفظي، والله أعلم.