[القسم الأول من المتشابه]
  وقال يعقوب عليه السالم لأولاده: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}(١).
  وقول نبينا محمد # فيما علمه ربه: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي}(٢).
  وقال الله تعالى له: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}(٣) {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}(٤) {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}(٥) {اتَّقِ اللَّهَ}(٦) وكل ذلك لا يكون إلا بِعَمَلِهِ # مع توفيق الله وإعانته عليه; لا أنَّه خَلَقَ ذلك فيه!
  وانظُر إلى الشيطان - لعنه الله قال: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}(٧) في غير آية(٨)، فنسب الظلم والإغواء إلى الله تعالى، فهو إمام المجبرة وسلف المشركين، وسلف جميع المجبرة والشياطين.
  ويقال: العدلُ هَاشِمِيٌّ، والجبر أُموي؛ لأنَّ معاوية - لعنه الله تعالى - شيخُ المجبرة وإمَامُهم، وأوَّلُ من تكلَّم في الجبرِ لهم(٩)، وعلى الجملة فالمجبرةُ أَضَلُّ خلق الله مع كثرتهم، وهم النواصب(١٠)، والنوابت، وفيهم الإرجاء الآن، فقد جمعوا بين الإرجاء، والجبر، والتشبيه، والتجسيم، بما رووه ودوَّنوه ودانُوا به من أنَّ الله يُرى يوم القيامة، يراه المؤمنون، وبعضهم يقول: وفي الدنيا أيضًا، وهذا عين التجسيم، إذ لا
(١) سورة يوسف: ١٨.
(٢) سورة سبأ: ٥٠.
(٣) سورة الزمر: ٦٥.
(٤) سورة هود: ١١٢.
(٥) سورة التحريم: ٩.
(٦) سورة الأحزاب: ١.
(٧) سورة الحجر: ٣٩.
(٨) وفي سورة الأعراف: ١٦ {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}.
(٩) شرح الأساس ٢/ ٢٨، والشافي ١/ ١٤٠، الينابيع ١٧٢.
(١٠) النواصب: من نصب العداء لآل محمد، قال في القاموس: النواصب والناصبية وأهل النصب: المتدينون ببغضة علي # لأنهم نصبوا له أي: عادوه.
أي لا يرى في جهة من الجهات، ولا على صفة من الصفات تمت [منه]. قلت [المحقق]: وهذا محال، لأن قولهم (يُرى) إثبات للرؤية والتجسيم وقولهم (بلا كيف) لا معنى لها، إلا أن يكون المراد هو العلم بالله، مثل قول الشاعر:
رأيت الله أكبر كل شيء ... محاولة وأكثرهم جنودًا
أي: علمتُ، فالخلاف لفظي، والله أعلم.