غرة وجه البيان في متشابه القرآن،

الحسن بن صلاح الداعي (المتوفى: 1120 هـ)

[القسم الثاني من المتشابه]

صفحة 26 - الجزء 1

[القسم الثاني من المتشابه]

  الآيات التي فيها ذِكْرُ الوجه، والعين، والجنب، واليد، واليمين، والنَّفْس، ونحو ذلك كالسَّاق على قولٍ.

  فقال قومٌ: هذا من المتشابه الذي لا يعلمُ تأويلَه إلا الله تعالى، وخالفوا في ذلك آل رسول الله ÷، وقولَهم في تفسيره وتأويله.

  وقال جماعة الأئمة من آل محمد # وشيعتهم في ذلك أقوالاً أجلى من الشمس، لا شبهة فيها ولا لَبْسَ عند من عرف الحقَّ وعَقَلَه، ولم يتجاهل عما تَيَقَّنَه.

  فقالوا: الوجه في نحو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}⁣(⁣١) على وجوهٍ منها: أولُ الشيء، كما قال تعالى حاكيًا عن أهل الكتاب: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}⁣(⁣٢).

  وقال الشاعر⁣(⁣٣):

  من كان مُزْوَرًّا لِمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ(⁣٤)

  والوجه: العضو المخصوص.

  ووجه الشيء: هو الشيء نفسه، تقول هذا وجه الرأي، أي: هذا هو الرأي⁣(⁣٥).

  فإذا ذَكَرَ اللهُ سبحانه الوجهَ فلا يجوز عليه العضو، ولا أَوَّلَ له، بقي المراد بالوجه


(١) سورة الرحمن: ٢٧.

(٢) سورة آل عمران: ٧٢.

(٣) ربيع بن زياد، يرثي مالك بن زهير العبسي، ينظر: أمالي المرتضى.

(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٦٠.

(٥) وبمعنى القصد كقوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ}⁣[لقمان: ٢٢] أي يقصد، وكقوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} وقال الشاعر:

أستغفر الله ذنبًا لست محصيه ... رب العباد إليه الوجهُ والعملُ

أي القصد.

وبمعنى الخِيار يقال: هذا وجه القوم.

وبمعنى المقدار: يقال لفلان وَجْهٌ عند الأمير، أي جَاهٌ. وغير ذلك تمت. [أصل].