[القسم الثاني من المتشابه]
[القسم الثاني من المتشابه]
  الآيات التي فيها ذِكْرُ الوجه، والعين، والجنب، واليد، واليمين، والنَّفْس، ونحو ذلك كالسَّاق على قولٍ.
  فقال قومٌ: هذا من المتشابه الذي لا يعلمُ تأويلَه إلا الله تعالى، وخالفوا في ذلك آل رسول الله ÷، وقولَهم في تفسيره وتأويله.
  وقال جماعة الأئمة من آل محمد # وشيعتهم في ذلك أقوالاً أجلى من الشمس، لا شبهة فيها ولا لَبْسَ عند من عرف الحقَّ وعَقَلَه، ولم يتجاهل عما تَيَقَّنَه.
  فقالوا: الوجه في نحو قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}(١) على وجوهٍ منها: أولُ الشيء، كما قال تعالى حاكيًا عن أهل الكتاب: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(٢).
  وقال الشاعر(٣):
  من كان مُزْوَرًّا لِمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ(٤)
  والوجه: العضو المخصوص.
  ووجه الشيء: هو الشيء نفسه، تقول هذا وجه الرأي، أي: هذا هو الرأي(٥).
  فإذا ذَكَرَ اللهُ سبحانه الوجهَ فلا يجوز عليه العضو، ولا أَوَّلَ له، بقي المراد بالوجه
(١) سورة الرحمن: ٢٧.
(٢) سورة آل عمران: ٧٢.
(٣) ربيع بن زياد، يرثي مالك بن زهير العبسي، ينظر: أمالي المرتضى.
(٤) ينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ٣٦٠.
(٥) وبمعنى القصد كقوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ}[لقمان: ٢٢] أي يقصد، وكقوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} وقال الشاعر:
أستغفر الله ذنبًا لست محصيه ... رب العباد إليه الوجهُ والعملُ
أي القصد.
وبمعنى الخِيار يقال: هذا وجه القوم.
وبمعنى المقدار: يقال لفلان وَجْهٌ عند الأمير، أي جَاهٌ. وغير ذلك تمت. [أصل].