الحديث الثامن في فضل الحسين بن علي @ ذكر مصرعه وسائر أخباره وما يتصل بذلك
  إلا أن نزيده فزده ما أراك اللّه، واضمن ذلك علينا ننفذ ضمانك ونعطه ما أحب من ذلك الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة، وما تطمئن إليه إن شاء اللّه تعالى والسلام.
  فكتب إليه ابن عباس: أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر حسينا وابن الزبير ولحاقهما بمكة، فأما ابن الزبير فرجل منقطع عنا برأيه وهواه يكاتمنا مع ذلك أضغانا يسرها علينا في صدره ويوري ورى الزناد لا حلل اللّه إسرارها، فأرى في أمره ما أنت راء، وأما حسين فإني لقيته فسألته عن مقدمه، فأخبرني أن عمالك بالمدينة حرفت به وعجلت عليه وأنظره رأيه ولن أدع أداء النصيحة إليه في كل ما يجمع اللّه به الكلمة ويطفئ به الفتنة ويحقن به دماء الأمة، وأنا آمرك بمثل الذي آمره به إن شاء اللّه، فاتق اللّه في السر والعلانية ولا تبيتن ليلة مريدا مسلما بغائلة، ولا مرصدا له بمظلمة، ولا حافرا له مهواة، فكم من حافر حفير لنفسه، وكم من آمل لم يؤت أمله، وكم من راج لطول العمر مبسوط له في بعد الأمل، فبينا هو كذلك إذ نزل القضاء فقطع أمله ونقص عمره، وأخرجه من سلطان الدنيا الفانية، إلى سلطان اللّه وعدله في الآخرة، وخذ مع ما أوصيك به من النصيحة لهذه الأمة بحظك من الركوع والسجود آناء الليل وتارات النهار، ولا يشغلك عن ذكر اللّه تعالى شيء من ملاهي الدنيا وأباطيلها، فإن كل ما أنت مشتغل به من ذات ينفع ويبقى، وكل ما أنت مشتغل به عن ذات اللّه يضر ويفنى، فاجعل همك فيما يرضي ربك يكفك همك، داج حسينا وارفق به ولا تعجل عليه ولا تنظره رأيه عسى اللّه ø أن يحدث أمرا يلم به شعثا ويشعب به صدعا ويرتق به فتقا والسلام.
  ٨٣٥ - وبه: قال أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسن بن التوزي بقراءتي عليه، قال أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري، قال حدّثنا أبو بكر دريد، قال حدّثنا الحسن بن حضر، قال حدّثني أبي عن هشام بن الكلبي رفعه إلى القاسم بن الأصبغ بن نباتة العرني، قال لما أخذ برأس الحسين # وبرءوس أهل بيته وأصحابه، أقبل الخيل شماطيط معها الرؤوس، وأقبل رجل من أنضر الناس لونا وأحسنهم وجها على فرس أدهم قد علق في الباب فرسه رأس غلام أمرد وكان وجهه قمر ليلة البدر فإذا هو قد أطال الخيط الذي فيه الرأس والفرس يمرح، فإذا رفع رأسه لحق الرأس بجرانه، فإذا طأطأ رأسه صك الرأس الأرض، فسألت عنه فقيل هذا حرملة بن الكاهل الأسدي، وهذا رأس العباس بن علي @. فمكث بعد ذلك ما شاء اللّه، ثم رأيت حرملة ووجهه أسود كأنما أدخل النار ثم أخرج، فقلت له يا عماه:
  لقد رأيتك في اليوم الذي جئت برأس العباس وإنك لأنضر العرب وجها، فقال يا ابن أخي ورأيتني؟ قلت نعم، قال فإني واللّه مذ جئت بذلك الرأس ما من ليلة آوي فيها إلى فراشي إلا وملكان يأتياني فيأخذان بضبعي ينتهيان بي إلى نار تأجج فيدفعاني فيها وأنا أنكص عنها فيسفعني كما ترى، قال: وكانت عنده امرأة من بني تيم فسألتها عن ذلك