الأمالي الكبرى (الخميسية)،

يحيى بن الحسين الشجري (المتوفى: 479 هـ)

[الحديث التاسع والثلاثون] في ذكر الموت واختلاف الموتى وذكر عذاب القبر وثوابه وما يتصل بذلك

صفحة 410 - الجزء 2

  ولا تزرها بالليل، واغسل الموتى فإن في معالجة جسد خلو عظة، وشيع الجنائز فإن ذلك يحرق قلبك ويحزنك، واعلم أن أهل الحزن في أمر اللّه جلّ ذكره في علو من اللّه، وجالس أهل البلاء والمساكين وكل معهم ومع خادمك لعل اللّه تبارك وتعالى يرفعك يوم القيامة، والبس الخشن والشقيق من الثياب تذللا للّه تعالى وتواضعا لعل الفخر والعز لا يجدان في قلبك مساغا، وتزين أحيانا في عبادة اللّه بزينة حسنة تعطفا وتكرم وتجملا، فإن ذلك لا يضرك إن شاء اللّه تعالى، وعسى أن يحدث اللّه شكرا».

  ٢٩٣٥ - وبه: قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم بقراءتي عليه، قال: حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حبان، قال: أخبرنا ابن أبي عاصم، قال: حدّثنا الحوطي عبد الوهاب بن نجدة، قال: حدّثنا عبد اللّه بن عبد العزيز عن أخيه محمد بن عبد العزيز، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعن سعيد بن المسيب، عن عائشة عن النبي ÷: أنه كان قاعدا وحوله نفر من المهاجرين والأنصار وهم كثير، فقال النبي ÷: إنما مثل أحدكم ومثل ماله وأهله، ومثل عمله، كرجل له ثلاثة إخوة، فقال لأخيه الذي هو ماله حين حضرته الوفاة ونزل به الموت: ما ذا عندك فقد نزل بي ما ترى؟ فقال له أخوه: الذي هو ماله مالك عندي غنى ومالك عندي إلا ما دمت حيا، فخذ مني الآن ما أردت، فإني إذا فارقتك سيذهب بي إلى مذهب غير مذهبك وسيأخذني غيرك، فالتفت النبي ÷ فقال: هذا أخوه الذي هو ماله، فأي أخ ترونه؟ قالوا: لا تسمع طائلا يا رسول اللّه، ثم قال لأخيه الذي هو أهله قد يزل بي الموت وحضر ما ترى فما ذا عندك من الغنى؟ قال: غناي عنك أن أمرضك وأقوم عليك وأعينك، وإذا مت غسلتك وحنطتك وكفنتك، ثم حملتك في الحاملين، وشيعتك أحملك مرة وأميط أخرى ثم أرجع عنك، واثني بخير عند من سألني، فقال النبي ÷: هذا أخوه الذي هو أهله، أي أخ ترون؟ قالوا: لا نسمع طائلا يا رسول اللّه، ثم قال لأخيه الذي هو عمله:

  ما ذا عندك؟ وما ذا لديك؟ فقال: أشيعك إلى قبرك، فأونس وحشتك وأذهب معك وأجادل عنك في كفنك فأشول بخطاياك، فقال رسول اللّه ÷: أي أخ ترون هذا الذي هو عمله؟ قالوا خيرا يا رسول اللّه، قال: والأمر هذا، قالت عائشة:

  فقام عبد اللّه بن كرز الليثي، فقال: أي رسول اللّه: أتأذن لي أن أقول على هذا شعرا؟

  قال: نعم، قالت عائشة: فما بات إلا ليلته تلك حتى غدا عبد اللّه بن كرز واجتمع المسلمون لما سمعوا من تمثيل رسول اللّه ÷ الموت وما فيه فجاء بن كرز فقام على رأس النبي ÷، فقال النبي ÷: إيه إيه يا بن كرز، فقال ابن كرز: [الطويل]

  وإني وأهلي والذي قدمت يدي ... كداع إليه صحبه ثم قائل