الحديث الثاني في العلم وفضله وما يتصل بذلك
  ٣٠٣ - وبه: قال: أخبرنا أبو القاسم التنوخي بقراءة الصوري عليه. قال: أخبرنا جدّي أبو يعقوب إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي قراءة عليه وأنا أسمع سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. قال: أخبرنا جدّي عن حرملة بن يحيى. قال: أخبرنا أبو وهب.
  قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم. قال: قال أبو حازم: إن سليمان بن هشام بن عبد الملك قدم المدينة ومعه ابن شهاب، فأرسل إلى أبي حازم فدخل عليه، فإذا سليمان بن هشام متكئ وابن شهاب عند رجليه قاعد، قال: فسلمت وأنا متكئ على عصاي، فقال ابن شهاب: ألا تتكلم يا أعرج؟ قال: قلت وما يتكلم الأعرج، ليست للأعرج حاجة جاء لها فيتكلم فيها، وإنما جئت لحاجتكم التي أرسلتم إليّ فيها، وما كل من يرسل إليّ آتيه، ولولا الفرق من شركم ما جئتكم، فجلس سليمان بن هشام وقال: ما المخرج مما نحن فيه؟ فقال أبو حازم: أعاهد اللّه في نفسي لا يمنعني دريهماتك أن أقول لك الحق في اللّه. قال: قلت: المخرج مما أنت فيه لا تمنع شيئا أعطيته من حق أمرك اللّه أن تجعله فيه، ولا تطلب شيئا منعته لشيء نهاك اللّه أن تطلبه. قال ابن هشام: فمن يطيق هذا الحال: قال يطيقه من طلب الجنة وهرب من النار وذلك فيهما قليل. فقال سليمان: ما رأيت كاليوم حكمة قط أجمع ولا أحكم. فقال ابن شهاب: فإنه جار لي وما جالسته قط، فقال أبو حازم: إني مسكين ليست لي دراهم ولو كانت لي دراهم جالستني، فقال ابن شهاب: قرصتني يا أبا حازم، قال: بلى إياك أردت، ثم قال ابن شهاب: ألا تحدّثني يا أبا حازم عن شيء بلغني أنك وصفت به أهل العلم وأهل الدنيا؟ قال: بلى، قال: إني أدركت أهل الدنيا تبعا لأهل العلم حيث كانوا يقضى لأهل العلم بما قسم اللّه لهم من العلم حوائج دنياهم وآخرتهم، ولا يستغني أهل الدنيا عن أهل العلم لنصيبهم من العلم، ثم جال الزمان فصار أهل العلم تبعا لأهل الدنيا حيث كانوا، فدخل البلاء على الفريقين جميعا، ترك أهل الدنيا النصيب الذي كانوا يمسكون به من العلم حين رأوا أهل العلم قد جاءوهم وضيع أهل العلم جسيم ما قسم لهم باتباعهم أهل الدنيا.
  ٣٠٤ - وبه: قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني. قال:
  حدّثنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيان. قال: حدّثنا علي يعني ابن الصباح. قال: حدّثنا جعفر يعني بن محمد بن علي الأصبهاني. قال: حدّثنا عيسى بن جعفر يعني الرازي. قال: حدّثنا سفيان عن الأعمش عن ابن سيرين قال: ذهب العلم وبقي بقية في أوعية سوء.
  ٣٠٥ - وبه: قال: أنشدنا الخليل بن عبد اللّه بن أحمد بن الخليل بن عبد اللّه بن الخليل بقزوين. قال: أنشدنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني لنفسه غير مرة: [الطويل]
  ولو أنّ أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما