[النظر للعلم بوجود المدبر الحكيم]
  وعرفنا مالنا من الفضل بالأخبار، فدلنا على فعله.
  فأما ما عرفناه بالاستدلال مما يتعلق بفعل ما كلفناه بتفصيل كثير مما ذكرنا جملته، وسائر الشرائع، وما يعلم قبحه وحسنه ووجوبه من جهة العقل والشرع وتفصيل ذلك يكثر، وما أوردناه من الجملة يكفي فيه محصول الأدلة والبيان، مما يمكن المكلف عند التفكر فيه أن يتوصل به إلى المعرفة بما دخل تحتها التكليف.
  واللطف من الله واجب لابد منه؛ لأنه تعالى إذا قَصَد بالتكليف تعريض المكلف للثواب، وعلم أنه لايتعرض الموصول إليه إلا عند أمر لولاه كان لايتعرض، فلو لم يفعله لنقص ذلك الغَرَض الذي له كَلَّف، كما أن أحدنا لو كان غرضه من زيد إذا دعاه إلى طعامه أن يحضر فيأكل طعامه، أنه لايختار ذلك إلا عند اللطف في المسألة، فلو لم يفعله لنقص ذلك الغرض الذي دعاه إلى طعامه، ويحل بإخلاله بذلك محل أن يمنعه من نفس تناول الطعام، وكذلك لو لم يفعل تعالى اللطف الذي ذكرنا، بمنزلة ألاّ يمكن العبد مما كلفه في قبح التكليف.
  وبهذه الجملة أبطل قول الدهرية والملحدة الذين يضيفون صنع هذه العجائب إلى الطبع، وإلى الكوكب، وثبت أن فاعلا لهذه الأعاجيب قادر