شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[النظر للعلم بوجود المدبر الحكيم]

صفحة 45 - الجزء 1

  يتمكن من أن يعرف عند ذلك من الشُّبَه وحلها، والأسئلة وجوابها، وما يكون مؤكداً لدلالتها التي استدل بها، ما يجوز أن يعرفه غيره، وعند ذلك متى فَكَّر فيما ذكرنا زاد ذلك في بصيرته، والشرح لصدره، من حيث ثبت في العلوم أن بعضها يتعلق ببعض، ولذلك نجد العَالِم المُبَرِّز أعلم بالمسألة الواحدة من غيره، وإن كان ذلك الغير قد عرفها، من حيث علم هذا من سائر ما يتصل بها، ويتعلق علمها به مالا يعرفها ذاك، وهذا ظاهر.

  فإذا صحت هذه الجملة لم يمتنع أن يخص تعالى المؤمن المهتدي بهذا الوجه من اللطف، لأنه لايصح كونه لطفاً إلا له دون غيره، ولايوجب ذلك أن يكون تعالى مانعاً غيره من التمكين، أو من فعل ما كلف.

  واعلم أنه قد يدخل في هذا الباب ما يورده تعالى على المكلف من الخواطر والتنبيه.

  (إذ كانت الرغبة منها في البقاء، ونفورها عن الفناء دالةً على المنة عليها ببقائها).

  هذا الكلام راجع إلى الحيوان العاقل المكلف، ولايدخل فيه النافر من الحيوان غير المكلف، لعلة نذكرها في مجموع نكت هذا الكتاب وعيونه