شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[وجوب شكر المنعم]

صفحة 48 - الجزء 1

  (وأن الممتن عليها ببقائها هو المنعم عليها بإحداثه إياها).

  كما قد شرطنا أن خلقه تعالى للمكلف حياً لينفعه، وبينا وجه المنافع، أنه نعمه ليوصله بذلك إلى سني النعم، ويجنبه عن محذور النقم، جل الله تعالى العالِمُ بمصالح عبيده، والقائم بأسباب وعده ووعيده.

[وجوب شكر المنعم]

  (فإذا علم البالغ المدرك أن هذا هكذا، وجب عليه أن يشكر المنعم، فإذا علم أن شكر المنعم عليه واجب، كان عليه أن يشكر المنعم عليه، وشكر المنعم عليه هو الطاعةُ له).

  وقد بين # أن شكر المنعم هو الطاعة له، وهذه جملة لاتخرج عن ثلاثة وجوه، وهي: اعتقاد، وقول، وفعل، مع الإصابة والاجتهاد.

  والاعتقاد: من أفعال القلوب، وهو مقدم على سائر الأفعال، وليس يعترض على ذلك قولُ من يزعم أن النية غير العقد، فإنه يحتاج للعقد إلى نية، وذلك محال عندنا، وهو مأخوذ من: عقدت ونويت في اللغة اصطلاحاً، وله في الكتاب مسرحٌ، وفي اللغة مساغٌ، لأن بالعقول تدرك غوامضُ العلوم، وحقائقُ الأشياء، والمجتهد في ذلك مصيب.