شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[وجوب شكر المنعم]

صفحة 50 - الجزء 1

  فمن واجبات القلوب تعظيمُ الله، وذلك على قواعد مختلفة، ومعنى التعظيم أن تُشْعِر القلبَ أن يكون الله أعظم عندك من كل شيء، وعلى حسب الأمور الموجبة للتعظيم، حتى يملأ القلب، فمن موجبات التعظيم: صفات الله تعالى العظمى وأسماؤه الحسنى، مثل كونه تعالى الأول لا أول لوجوده، وكل موجود مفتقر إلى قدرته، ولولا قدرته لم يوجد موجود؛ لأن كل موجود إما أن يكون من فعله تعالى، أو من فعل عبيده. وكذلك كونه قادراً لذاته، على ما تقدم ذكره. ومن الأمور الموجبة للتعظيم التفكر في أفعاله، وضروب خلقه، ولهذا أمر الله تعالى عباده بالتفكر، مثل قوله تعالى: {قُلِ انْظُرُوْا مَاذَا فِيْ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}⁣[يونس: ١٠١] إلى غير ذلك من الآيات.

  وروي عن المسيح # أنه سئل فقيل له: ياروح الله من أولياء الله الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون؟ فقال: «الذين نظروا إلى آجل الدنيا حين نظر الناس إلى عاجلها».

  وهذا إنما يكون بالتفكر في حقائق الأمور، والنظر في أدلة الله تعالى التي ركبها في العقول، وبعث بها الأنبياء والرسل.