[معرفة أنه لا بد من رسول]
  الفاضل بالجمل دون التفاصيل، ألاترى أن من ليس في درجة امرء القيس والنابغة في الشعر، ولا في درجة قِسّ بن ساعدة، ولاسُحْبَان بن وائل في الفصاحة قد يتأتى منه فصول تشبه كلام هؤلاء، ويلتبس على السامعين من العلماء حاله، حتى يظن أنه من كلامهم.
  فثبت أن القرآن في نفسه آية معجزة، ودلالة غالبه قاهرة، وأن العرب عجزت عنه؛ لأن في القرآن من الفصاحة مالايتأتى من البشر بلوغها، وأن الله تعالى صَرَف هممهم عن المعارضة، وقهر طبائعهم ولزم دواعيهم عنه، فهو دلالة كافية، ومعجزة شافية، ولهذا قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت: ٥١]، وقال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتْ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوْا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لاَيَأْتُوْنَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيْراً}[الإسراء: ٨٨].