شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[ذكر الفترة والعمل فيها]

صفحة 123 - الجزء 1

  فداع إلى الهدى والصلاح، يجمع شمل الأمة بالوعظ والتذكير، والأمر والتحذير، والجِدِّ والتَّشْمِير، وداع بمايفرق هذه الجماعة، ويصد عن سبيل الطاعة، فداع الهدى والصلاح: (ممن نظر فاعتدلت فطرته، وصفت طبيعته).

  هذا فيه تقديم وتأخير وإشارة وضمير، معناه ممن اعتدلت فطرته، أي: خلقه، وصفت طبيعته التي طبعه الله عليها، لما نظر بفكره، فوقع له بذلك النظر علم بأحواله التي طبعه الله عليها، وفطره من أصولها، وقدره بعد حصولها.

  (وكان نظره بعين النصيحة لنفسه).

  نصح نفسه لمانظر في الأدلة، وهي عين النصيحة - أي: نفسها - في كل مايصلحه من أمر دينه ودنياه، فعبر عن الشيء بعينه، طَبْعٌ ركبت عليه الأجسام، وصُنْعٌ لحكيم على مايَسْتَدِلُ به على الله أهلُ العقول والأفهام، لما في ذلك من الصلاح للعباد والبلاد، وانتزاح التشبيه والإلحاد، حججه دالة عليه ومحجة مسلوكة إليه.