شرح البالغ المدرك،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[ذكر الفترة والعمل فيها]

صفحة 126 - الجزء 1

  ولاغرور، حتى أخذ في طلب العيش المقيم، ورغب فيما رغب الله فيه من النعيم.

  (قد أيقن بالخَلَف فَجَادَ بالعَطِيَّة).

  أي أيقن أن المستقرض منه وَفِيٌّ، وأنه بسَنِي العِوَضِ مليٌ.

  (دَلَّه الله فاستدل منه، وخاطبه ففهم عنه، وأرشده لأبين الجَوَادِّ، فقبل منه أحسن الإرشاد).

  نعم الدليل الذي لايجور، والوكيل في جميع الأمور، أوْضَحَ للمستدلين عليه الدلالة، وأفصح للراغبين إليه في المقالة، فأمنوا من الزلل في المداحض، لَمَّاعَلِموا بالسنن والفرائض.

  (وخاطبه ففهم عنه) لما قصد به إفهامه، واعتمد بمايدريه أعلامه، لطفاً منه له بالبيان، وعطفاً عليه بآجِل الإحسان، وهو خلقه حياً لينفعه إذا عمل بطاعته رفعه.

  (وأرشده لأبين الجَوَادِّ فقبل منه أحسن الإرشاد)، بَيَّن له جادة الحق من الشريعة، فتوخَّاها بقبول منه لتلك الذريعة، لم يشرد عن الله شرود البعير، ولا نأى بجانبه عند مجيء النَّذر.