حاشية الدسوقي على مختصر المعاني،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[القصر]

صفحة 226 - الجزء 2

  متجاوزا الصفة الأخرى فإن المخاطب اعتقد اشتراكه فى صفتين، والمتكلم يخصصه بإحداهما ويتجاوز الأخرى، ومعنى دون فى الأصل: أدنى مكان من الشئ، يقال: هذا دون ذلك - ...


  من قوله دون أخرى فإنه يمكن أن يصدق بالسكوت عن تلك الصفة وعدم التعرض لانتفائها مع أنه ليس مرادا، إذ المراد التعرض لانتفائها (قوله: متجاوزا الصفة الأخرى) أشار به إلى أن دون وقع حالا وذو الحال: إما المفعول المذكور وهو الأمر، وإما الفاعل وهو المخصص، فإنه مراد بحسب الحقيقة فهو فى قوة الملفوظ - كذا فى الفنرى، لكن جعله حالا من الفاعل هو الذى يدل عليه قول الشارح والمتكلم يخصصه بإحداهما ويتجاوز الأخرى مع أن فى جعله حالا من المفعول إتيان الحال من النكرة.

  (قوله: اعتقد اشتراكه) أى: الموصوف فى صفتين وفى الكلام قلب، والأصل اعتقد اشتراك صفتين فيه بدليل ما يأتى له عند قول المصنف من يعتقد الشركة حيث قال أى: شركة صفتين فى موصوف ولو قيل أى: اعتقد اشتراكه بين صفتين لم يحتج للتأويل (قوله: ويتجاوز الأخرى) أى: يتباعد عن ثبوت الأخرى إلى نفيها.

  (قوله: ومعنى دون إلخ) حاصله أن أصل دون أن يستعمل فى المكان المحسوس المنحط أى: المنخفض بالنسبة لمكان آخر انحطاطا يسيرا فهى فى الأصل اسم مكان فيقال هذا البيت مثلا دون ذلك البيت إذا كان أحط منه قليلا، ثم استعملت فى المكان المعنوى من الأحوال والرتب مع مراعاة أن صاحب ذلك المكان أدنى وأخفض مرتبة من الآخر فيقال: زيد دون عمرو فى الفضل، ثم نقلت إلى تخطى حكم إلى حكم وتجاوز حد إلى حد بعد نقلها للمكان المعنوى المراعى فيه شرف غير صاحبه، ثم أريد بالمصدر الذى هو التجاوز اسم الفاعل كما فى كلام المصنف فيكون التقدير تخصيص المتكلم أمرا بصفة حال كونه متجاوزا صفة أخرى اعتقد فيها الشركة (قوله: أدنى مكان من الشئ) أى: أخفض مكان أى مكان منخفض بالنسبة لمكان آخر - كذا قرر شيخنا العدوى، والمراد المكان المحسوس (وقوله: من الشئ) متعلق بأدنى باعتبار أصل المعنى كما يقال: دنا منه وقرب منه لا باعتبار المعنى التفضيلى، فلا يلزم استعمال أفعل التفضيل بالإضافة ومن قاله الفنرى.