رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(11) - القدوة الحسنة:

صفحة 179 - الجزء 1

  وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى خُطُورَةِ القُدْوَة، وَعَظِيمِ أَثَرهَا، فَإِنَّ انْحِرَافَ الْمُرْشِدُ أَوِ الْمُعَلِّم، أَوَ غَيْرِهِمَا - مِنَ الَّذِينَ هُمْ قُدْوَةٌ - سَبَبٌ فِي انْحِرَافِ كُلّ مَنْ تَأَثَّرَ بِهِمْ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُمْ.

  فَالْعَامَّةُ لَوْ وَجَدُوا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمُرْشِدِينَ، أَوِ الْمُرْشِدِات، وَالدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، سَيِّئَة وَاحِدَة، وَتِسْعَة وتِسْعِينَ حَسَنَة، غَلَّبُوا السَّيِّئَةَ عَلَى تِلْكَ الْحَسَنَاتِ.

  لِهَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ طَالِبِ عِلْمٍ، وَكُلِّ دَاعِيَةٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: أَنْ يَكُونَ قُدْوَةً حَسَنَةً لِلنَّاسِ، فِي سِيرَتِهِ، وَدِينِهِ، وَأَخْلاَقِهِ، وَأَقْوَالِهِ، وَأَعْمَالِهِ، وَنَزَاهَتِهِ، وَعِفَّتِهِ، وَصِدْقِهِ، وَأَمَانتِهِ، وَوَفَائِهِ بِالْعَهْدِ، وَإِخْلاَصِهِ، وَوَرَعِهِ، وَعِلْمِهِ، وَزُهْدِهِ، وَتَقْوَاهُ، وَتَوَاضُعِهِ لِمَنْ هُوَ دُونَهُ، وَحِلْمِهِ عَمَّنْ جَهِلَ عَلَيْهِ، وَإِحْسَانِهِ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، وَرِفِقِهِ، وَعَدْلِهِ، وَصَلاَحِهِ، وَعَفْوِهِ عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَقَنَاعَتِهِ، وَبِرِّهِ بِوَالِدَيْهِ، وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا، وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمَا، وَالْعَطْفِ عَلَيْهِمَا، وَالتَّوَدُّدِ إِلَيْهِمَا، وَصِلَتِهِ لأَرْحَامِهِ، وَقَرَابَاتِهِ، وَعَطْفِهِ عَلَى الأَيْتَامِ، وَالأَرَامِلِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَاهْتِمَامِهِ بِإِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاسْتِقَامَتِهِ عَلَى شَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى، وَدِينِهِ، وَكُلِّ شُئُونِهِ ........