بيان الأخلاق والصفات
  وَالإِنْسَانُ عَادَةً لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْنَحَ شَيْئاً لَيْسَ عِنْدَهُ، إِذْ فَاقِدُ الشَّيْءِ لاَ يُعْطِيه، وَالنَّاسُ أَعْدَاءٌ لِمَا جَهِلُوا، كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ #: «النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا».
  فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّالِبُ لِلْعِلْمِ، وَالدَاعِيَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: عَلَى جَانِبٍ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، يُمَكِّنهُ مِنْ هِدَايَةِ النَّاسِ، وَإِرْشَادِهِمْ، وَتَعْلِيمِهِمْ أُمُورِ دِينِهِمْ، وَدَفْعِ الشُّبُهَاتِ وَالافْتِرَاءَاتِ، وَالأَكَاذِيبِ، كَانَ ضَرَرُهُ عَلَى الإِرْشَادِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ، وَكَانَ خَطَأهُ أَكْثَرُ مِنْ صَوَابِهِ.
  فَاحْرِصْ عَلَى أَنْ تَكُونَ مِثَالاً فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَلْتَكُنْ هِمَّتُكَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ عَالِيَةً، فَلاَ تَكْتَفِي بِقَلِيلِ الْعِلْمِ مَعَ إمْكَانِ كَثِيرِهِ، وَلاَ تَقْنَعْ مِنْ إِرْثِ الأَنْبِيَاءِ بِيَسِيرِهِ، وَاغْتَنِمْ وَقْتَ فَرَاغِكَ وَنَشَاطِكَ، قَبْلَ شُغْلِكَ، وَزَمَن عَافِيَتكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ.
  أَخِي الطَّالِبُ لِلْعِلْمِ، أَخِي الدَّاعِيَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى: اغْتَنِمُوا حَالَ الْفَرَاغِ فَقَدْ يَمْنَعُ مَانِعٌ مِنَ الشَّوَاغِلِ، وَمَا أَكْثَرَهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، لاَسِيَّمَا مَعَ مَا نَعِيشُهُ مِنَ الْوَاقِعِ الْمُؤْلِمِ الَّذِي تَعِيشُهُ