رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(3) - صلة المرشد بالله تعالى:

صفحة 49 - الجزء 1

  أَصْنَافِ الْعِبَادَةِ، وَالإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ، وَالاِنْقِطَاعِ إِلَيْهِ، وَخَاصَّةً الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ بَيْنَ يَدَي اللَّهِ تَعَالَى.

  إِنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ، مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ، وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، بَلْ هُوَ مُخُّ الْعِبَادَةِ: فَفِي الْحَدِيثِ: الْمَرْوِيّ عَنْ خَاتَمِ الرُّسُلِ ~ وَعَلَى آلِهِ أَنَّهُ قَالَ: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ»، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.

  وَسَمَّاهُ مُخَّ الْعِبَادَةِ: فَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ÷، أَنَّهُ قَالَ: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ».

  قَوْلُهُ: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ»، الْمُخُّ بِالضَّمِّ نِقْيُ الْعَظْمِ، وَالدِّمَاغِ، وَشَحْمَةُ الْعَيْنِ، وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ.

  وَالْمَعْنَى: أَنَّ الدُّعَاءَ لُبُّ الْعِبَادَةِ، وَخَالِصُهَا، لأَنَّ الدَّاعِيَ إِنَّمَا يَدْعُو اللَّهَ عِنْدَ انْقِطَاعِ أَمَلِهِ مِمَّا سِوَاهُ، وَذَلِكَ حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ وَالإِخْلاَصِ، وَلاَ عِبَادَةَ فَوْقهمَا ..

  قَالَ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَبِالْمُخِّ تَكُونُ الْقُوَّةُ لِلأَعْضَاءِ، فَكَذَا الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ، بِهِ تَتَقَوَّى عِبَادَةُ الْعَابِدِينَ، فَإِنَّهُ رُوحُ الْعِبَادَةِ ..