رسالة إلى طلبة العلم والدعاة إلى الله،

طيب عوض منصور (معاصر)

(3) - صلة المرشد بالله تعالى:

صفحة 61 - الجزء 1

  فَكُلُّ حَرَكَةٍ ظَهَرَتْ مِنْك بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَهِيَ عَلَيْكَ لاَ لَكَ، فَأَدْوَمُ النَّاسِ عَلَى الذِّكْرِ أَوْفَرُهُمْ حَظًّا، وَأَرْفَعُهُمْ دَرَجَةً، وَأَشْرَفُهُمْ مَنْزِلَةً.

  وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ: «لَوْ لَمْ يَبْكِ الْعَاقِلُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ إِلاَّ عَلَى تَفْوِيتِ مَا مَضَى مِنْهُ فِي غَيْرِ الطَّاعَةِ، لَكَانَ خَلِيقًا أَنْ يُحْزِنَهُ إِلَى الْمَمَاتِ، فَكَيْفَ مَنْ يَسْتَقْبِلُ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ بِمِثْلِ مَا مَضَى مِنْ جَهْلِهِ».

  وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لأَنَّ الْعَاقِلَ إِذَا مَلَكَ جَوْهَرَةً نَفِيسَةً، وَضَاعَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، بَكَى عَلَيْهَا لاَ مَحَالَةَ، وَإِنْ ضَاعَتْ مِنْهُ وَصَارَ ضَيَاعُهَا سَبَبَ هَلاَكِهِ كَانَ بُكَاؤُهُ مِنْهَا أَشَدَّ، وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنَ الْعُمْرِ، بَلْ كُلُّ نَفَسٍ جَوْهَرَةٌ نَفِيسَةٌ لاَ خَلَفَ لَهَا، وَلاَ بَدَلَ مِنْهَا فَإِنَّهَا صَالِحَةٌ، لأَنَّهَا تَوَصِّلُكَ إِلَى سَعَادَةِ الأَبَدِ، وَتُنْقِذُكَ مِنْ شَقَاوَةِ الأَبَدِ، وَأَيُّ جَوْهَرٍ أَنْفَسُ مِنْ هَذَا.؟

  فَإِذَا ضَيَّعْتَهَا فِي الْغَفْلَةِ فَقَدْ خَسِرْتَ خُسْرَانًا مُبِينًا، فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَبْكِي عَلَى هَذِهِ الْمُصِيبَةِ فَذَلِكَ لِجَهْلِكَ، وَمُصِيبَتُكَ بِجَهْلِكَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَنَوْمُ الْغَفْلَةِ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْرِفَتِهِ،