(5) - الرحمة:
  يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي عَبْدَهُ عَلَى الرِّفْقِ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الشِّدَّةِ وَالصَّلاَبَةِ.
  وَفِيهِ دَلاَلَةٌ بِأَنَّ الرِّفْقَ أَنْجَح وَأَبْلَغ الأَسْبَابَ كُلَّهَا، وَأَنْفَعهَا.
  وَالرِّفْقُ مِنْ أَنْجَحِ الوَسَائِلِ لِكَسْبِ الآخرِيْنَ، وَهُوَ وَسِيلَةٌ مُهِمَّةٌ لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ الْوُصُولُ إِلَى قُلُوبِ وَعُقُولِ النَّاسِ، أَياًّ كَانَ مَقْصِدُهُ وَغَايَتُهُ ..
  وَعَنْهُ: ÷ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ كُلَّهُ».
  أَيْ: صَارَ مَحْرُومًا مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، إِذِ الْخَيْر لاَ يُكْتَسَب إِلاَّ بِالرِّفْقِ وَالتَّأَنِّي، وَتَرْك الاسْتِعْجَال فِي الأُمُورِ.
  وَفِيهِ فَضْلُ الرِّفْقِ وَشَرَفه، وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ: «الرِّفْقُ فِي الأُمُورِ كَالْمِسْكِ فِي الْعُطُورِ».
  فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ ÷ رَحِيمًا، رَفِيقًا، فِي مُعَامَلَتِهِ، لَطِيفاً فِي أُسْلُوبِهِ، وَفِي تَعَامُلِهِ مَعَ جَمِيعِ النَّاسِ، يَسْتَشْعِرُ حَال النَّاسِ، وَيُقَدَّرُ ظُرُوفَهُمْ، وَمَا يَمْنَعُهُ شَيْءٌ عَنْ رَحْمَتِهِمْ، وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ.