ترك ما لا يعنيك
  وَقَالَ ذُو النُّونِ: «مَنْ نَظَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَمِيَ عَنْ عُيُوبِ نَفْسِهِ، وَمَنْ عُنِيَ بِالنَّارِ وَالْفِرْدَوْسِ شُغِلَ عَنِ الْقَالِ وَالْقِيلِ، وَمَنْ هَرَبَ مِنَ النَّاسِ سَلِمَ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَمَنْ شَكَرَ زِيدَ».
  وَقَالَ ذُو النُّونِ: «ثَلاَثَةٌ مِنْ أَعْلاَمِ أَعْمَالِ الْكَيَاسَةِ تَرْكُ الْمِرَاء وَالْجِدَالُ فِي الدِّينِ، وَالإِقْبَالُ عَلَى الْعَمَلِ بِيَسِيرِ الْعِلْمِ، وَالاشْتِغَالُ بِإِصْلاَحِ عُيُوبِ النَّفْسِ، غَافِلاً عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ».
  وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ قَسَاوَةً فِي قَلْبِكَ، وَوَهَنًا فِي بَدَنِكَ، وَحِرْمَانًا فِي رِزْقِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ فِيْمَا لاَ يَعْنِيكَ».
  قَالَ وَبَرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَوْصَانِي ابْنُ عَبَّاسٍ بِكَلِمَاتٍ لَهُنَّ أَحْسَنُ مِنَ الدُّهْمِ الْمُوقَفَةِ، قَالَ لِي: «يَا وَبَرَةُ، لاَ تَعَرَّضْ فِيمَا لاَ يَعْنِيكَ فَإِنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ، وَلاَ آمَنُ عَلَيْكَ الْوِزْرَ، وُدَعْ كَثِيرًا مِمَّا يَعْنِيكَ حَتَّى تَرَى لَهُ مَوْضِعًا، فَرُبَّ مُتَكَلِّفٍ بِحَقٍّ تَقِيٌّ قَدْ تَكَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِعَيْنِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَعَطِبَ وَلاَ تُمَارِيَنَّ حَلِيمًا، وَلاَ سَفِيهًا، فَإِنَّ الْحَلِيمَ يَقْلِيكَ، وَإِنَّ السَّفِيهَ يُرْدِيكَ، وَاذْكُرْ أَخَاكَ إِذَا تَوَارَى عَنْكَ بِكُلِّ مَا تُحِبُّ أَنْ يَذْكُرَكَ بِهِ إِذَا تَوَارَيْتَ عَنْهُ، وَدَعْهُ مِنْ كُلِّ مَا تُحِبُّ أَنْ