طلب العلم:
  فَالْعِلْمُ أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ، وَمَنْبَعُ كُلّ فَضِيلَةٍ، وَبِهِ يُنَالُ كُلِّ خَيْرٍ وَمَكْرُمَةٍ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَا أُوْتِيَهُ الإِنْسَانُ.
  كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ # لأَصْحَابِهِ وَهُمْ بِحَضْرَتِهِ: «تَعَلَّمُوا العِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ حَسَنَةٌ، وَمُدَارَسَتِهُ تَسْبِيحٌ(١)، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادُ(٢)، وَإِفَادَتَهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لأَهْلِهِ قُرْبَةٌ، وَهُوَ مَعَالِمُ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ(٣)، وَمَسَالِكُهُ سُبُلُ الْجَنَّةِ، مُؤْنِسٌ مِنَ الوَحْدَةِ، وَصَاحِبٌ فِي الغُرْبَةِ، وَعَوْنٌ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ، وَيَدٌ عَلَى الأَعْدَاءِ، وَزَيْنٌ عِنْدَ الأَخِلاَّءِ(٤)، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَاماً فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ(٥)، تُرْمَقُ أَعْمَالُهُمْ وَتُقْتَصُّ آثَارُهُمْ(٦) تَرْغَبُ الْمُلُوكُ فِي خُلَّتِهِمْ(٧)، وَالسَّادَةُ فِي عِشْرَتِهِمْ، وَالْمَلاَئِكَةُ فِي صَفْوَتِهِمْ، لأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْخَطَايَا، وَنُورُ الأَبْصَارِ مِنَ
(١) أَيْ: قِرَاءَتُهُ عَلَى الْمَشَايِخِ ...
(٢) أَيْ: ثَوَابُ جِهَادٍ فِي الْمَشَقَّةِ أَوْ فِي إِعْلاَءِ دِينِ اللَّهِ: وَإِعْزَازِ كَلِمَتِهِ الْعُلْيَا، وَقِيلَ: مُجَاهَدَةُ نَفْسٍ. فَجُعِلَ الْبَاحِثُ عَنْ الْعِلْمِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...
(٣) أَيْ: شَعَائِرُهُ وَعَلاَمَتُهُ، فَإِنَّ مَعْرِفَتَهُمَا مُنْحَصِرَةٌ بِالْعِلْمِ ....
(٤) الأَخِلاَّءُ: جَمْعُ خَلِيلٍ، وَهُوَ الصَّاحِبُ الْمُلاَزِمُ .......
(٥) الاِقْتِدَاءُ لُغَةً: مَصْدَرُ اقْتَدَى بِهِ، إِذَا فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ تَأَسِّيًا، وَيُقَالُ: فُلاَنٌ قُدْوَةٌ: أَيْ يُقْتَدَى بِهِ، وَيُتَأَسَّى بِأَفْعَالِهِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَمَعْنَى الاِقْتِدَاءِ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ بِالرَّجُلِ: اتِّبَاعُ أَثَرِهِ وَالأَخْذِ بِهَدْيهِ، يُقَالُ: فُلاَنٌ يَقْدُو فُلاَنًا، إِذَا نَحَا نَحْوَهُ وَاتَّبَعَ أَثَرَهُ ...
(٦) فِي الْقَامُوسِ: قَصَّ أَثَرَهُ قَصًّا وَقَصِيصًا تَتَبَّعَهُ.
(٧) أَيْ: صُحْبَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ، فَلاَ يُفَارِقُونَهُمْ وَيُلْهِمُونَهُمْ الْخَيْرَ وَيُحَذِّرُونَهُمْ مِنَ الشَّرِّ ..
وَفِي الْقَامُوسِ: الْخِلَّةُ بِالْكَسْرِ هِيَ الصَّدَاقَةُ، وَالإِخَاءُ، وَالْخُلَّةُ أَيْضًا: الصَّدِيقُ لِلذَّكَرِ، وَالأُنْثَى، وَالْوَاحِدِ، وَالْجَمْعِ، وَالْخِلُّ بِالْكَسْرِ، وَالضَّمِّ: الصَّدِيقُ الْمُخْتَصُّ ....