رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني
  ما يجهل، حتى قال فلان عقد وأرذم، ونقض العهد والذمم، فإن الأمر عظيم، والخطر في ذلك جسيم. قال علي #: «أيها الناس من عرف من أخيه وثيقة دين، وسداد طريق، فلا يسمعن فيه أقاويل الناس، أما أنه قد يرمي الرامي وتخطئ السهام».
  واعلم أيدك الله أنه لا يحل لمسلم أن يرمي مسلما بأنه نقض العهود والذمم، من غير أن يتحقق ولا يعلم، ولقد كان ينبغي لو علم ذلك وتحققه، أن يستر على أخيه ويرحمه، ويحمد الله تعالى على معافاته من مثل ذنبه، ويشكره ø على ستره عليه في ذنوبه، وأنه كتم عليه تعالى ما كان يكره أن يظهر على غيره، فما من أحد إلا وله ذنب، فكيف يعيب أخاه بذنب لم يتحققه، وينسى ستر الله ø عليه في ذنوبه، فلا يلحقنا غم ولا حزن والحمد لله إلا مخافة أن تُهلك الأمة أنفسها فينا بظنون السوء، وقبول الغيبة والكذب، مع طلبنا لصلاحها، وتحرينا بجهدنا لسدادها، فنسأل الله تعالى أن يعظم لنا الأجر، ويحملنا على مطايا الصبر، حتى لا نهلك فيمن هلك، ولا نعطب فيمن عطب.
  فأما قولك - أيدك الله - وصدر الكل من المجلس والحسبة غير ثابتة، بل هي موقوفة على المراجعة، فما الحسبة - رحمك الله - تثبت بتثبيت أحد من الخلق، ولا تحتاج إلى أهل الحل والعقد، قال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ١٠٤}[آل عمران]، فأمر تعالى عباده الصالحين بالدعاء إلى الدين،