رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني
  فأما وكلاء القبض الذين ذكرناهم، فلو كان بعضهم عاصيا فلا يلزمنا حكمه، ولا يرجع إلينا أمره، وإنما أمره إلى ربه يفعل به ما يشاء، ولو قدرنا أن يكون جميع الخلق مؤمنين، لما فرطنا في ذلك بشهادة رب العالمين، ولكن فقد قال وهو أحكم الحاكمين {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ١٠٣}[يوسف]، وقال لنبيه #: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ٣}[الشعراء]، فالعذر في ذلك قد وقع لنا من رب العالمين.
  وأما أنه لا يجوز تولية والٍ في المسلمين من هو خير منه، فذلك لا يصح ولا ينبغي إطلاقه، ولا يقول به أحد أبدا، وقد ولى رسول الله ÷ قوما كثيرا وفي أصحابه من هو أفضل منهم في الورع والكفاية، وإلا لزم أن يكون أمير المؤمنين # وَالِيَه في جميع الأمصار وجميع الغزوات، كتوليته ÷ لعمرو بن العاص على جُلّة المهاجرين والأنصار، وسوى ذلك مما يطول تفصيله، وكذلك غيره من كبار الصحابة ¤ وهو محال، فالإطلاق لذلك لا يصح ولا يصلح، والخبر الذي رواه وهو قول النبي ÷: «من استعمل عاملا وهو يعلم أن في المسلمين من هو أولى بذلك منه، وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه، فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين» فهو محمول على أن المراد بقوله: «أولى بذلك منه وأعلم» من قِبَل أنه جاهل بكتاب الله وسنة نبيه، وأنه ممن لا يكتفى به، ولا هو بأمين فيما وُلي فيه، وذكره بلفظ أَفْعَل مجازا واتساعا في الكلام،