مجموع رسائل الإمام الشهيد المهدي أحمد بن الحسين (ع)،

المهدي أحمد بن الحسين (المتوفى: 656 هـ)

رسالة جواب على الشيخ عطية النجراني

صفحة 165 - الجزء 1

  أقواما نطق القرآن بفسقهم ونفاقهم، وإن كان ظاهرهم الإسلام والكفاية، فالأخذ إنما هو بالظاهر، وليس يلزمنا معصية الوالي متى أظهرها عند الناس ولم تظهر لنا، ولا يكلفنا الله تعالى إلا بحسب علمنا، ومتى علمنا ذلك وكان مما يستحق فيه العقوبة عاقبناه، تارة بالحبس وتارة بالمال وتارة بالأدب، وأجناس ذلك، فلا يصح ما ذكره الشيخ من أن الصواب أن لا يُعاقب بالمال، لأنا قد بينا أن العقوبة بالمال مما ورد به الشرع الشريف، فلا معنى للتخفيف في غير موضع التخفيف.

  وقوله بأنه يعود يأخذ العقوبة من أموال العشائر لا يلزمنا، لأنا إن علمنا ذلك منه عاقبناه ثانيا بوجوه التنكيل التي تجوز في حقه، وربما أدى ذلك إلى اجتياح ماله كما فعله علي #، وعلى حسب الصلاح للإسلام والمسلمين يفعل، وبحسب ما أوجبه علينا رب العالمين نفعل، وقد تقع المعصية منه ونعلمها ولا نعاقبه عليها، بل نقبل توبته، وذلك يختلف بحسب الأفعال التي تعد معاصي لله ø، فإن رسول الله ÷ أمر بالعقوبة تارة، وتارة قبل توبة الوالي بغير عقوبة، وهي أمور شرعية ينبغي مراعاتها، ولا يجب التسوية بينها ولا التفريط في إجرائها وإنفاذها، وقد يكون في الناس من هو وكيل على قبض الشيء المأخوذ المعين، لأنه يكون إليه شيء من الأمر غير مجرد القبض، لما قد عُرف وعُيَّن، فلا تكون منزلته منزلة الوالي الذي له يد على غيره، لأن توكيل الفاسق جائز في مَالّه التصرف فيه، وكذلك الكافر، فبين الأمرين فرق، وولاتنا الذين لهم التصرف على غيرهم بما يرونه صلاحا وبما يرجعون في كثير منه إلينا، وسائره بولايتنا، كلهم ظاهره الدين والكفاية، ولا نعلم منه خيانة ولا جناية في الظاهر، وليس لنا إلا ذلك.