[مقدمة المؤلف]
  فكانت أولى بالتقديم، ومتى كانت مشتركة لم يجز حملها على أحد المعنيين إلا بدلالة توجب ذلك، وإلا وجب حملها على كليهما؛ قضاء لحق الاشتراك، فإذا أمكن حمل الخطاب الوارد من الله تبارك وتعالى ورسوله ÷ على كل واحدة من الحقائق كان حمله على الشرعية أولى؛ لأن وضع الشرع في ذلك طارئ على اللغوي والعرفي، وطريانه على ذلك جار مجرى العهد الذي يوجب صرف الخطاب إلى المعهود دون غيره؛ ولأن السابق إلى أفهام أهل الشرع هو المعنى الشرعي فكان بالحمل عليه أولى. فإذا لم يمكن حمله على المعنى الشرعي - وأمكن حمله على المعنى العرفي - كان أولى من اللغوي؛ لما ذكرنا من سبقه إلى الأفهام، ويصير العرف الطارئ كالعهد على ما بينا، وإذا لم يمكن ذلك وجب حمله على المعنى الذي يفيده حقيقة من جهة اللغة؛ لأنه أسبق إلى الأفهام من المجاز، فإذا تعذر ذلك وجب حمله على المجاز؛ حفظا للخطاب عن الضياع والإهمال.
  وشروط الاستدلال بخطاب الله تعالى على مراده ثلاثه:
  أحدها: أن يعلم المستدل أولاً أنه لا يجوز أن يخاطب سبحانه بخطاب ولا يقصد به فائدة أصلا على ما يزعمه بعض الحشوية؛ لأن ذلك يدخل كلامه