خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[من معاني كلمة «الضلال»]

صفحة 142 - الجزء 1

  بسمي ضلالاً، ولهذا قال سبحانه: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ٢٦ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}⁣(⁣١). فأخبر أنه تعالى لا يضل به إلا من فسق ونقض العهد وقطع ما أمر بصلته. وذلك يوضح أن هذا الإضلال عقاب لمن فعله تعالي به. وكذلك في قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}⁣(⁣٢). معنى الإِضلال ها هنا العقاب فكأنه قال: ومن يرد أن يعاقبه يقدم له ضيق الصدر إما في حياته، وإما عند موته بما يُبَشر به من عذاب ربه.

  ولا يجوز أن يحمل شيء من الإضلال المضاف إليه تعالى على أن المراد به الإغواء عن الإيمان أو الاستدعاء إلى الكفر، لأن ذلك كله قبيح، والله سبحانه لا يأمر به، ولا يوقع فيه، وكيف يكون ذلك وقد نهى عنه النهي البليغ، وتوعد


(١) سورة البقرة الآيتين ٢٦، ٢٧.

(٢) سورة الأنعام آية ١٢٥.