خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

الباب السادس في ذكر التكليف وشروطه وتوابعه

صفحة 148 - الجزء 1

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه وفساد قولهم هذا، قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}⁣(⁣١). فالله تعالى أخبر أنه ما خلق أحداً منهم إلا للعبادة، وإسم الجن والإنس إسم جنس معرف بالألف واللام فيستغرق جميع الجن والإنس، ويدخل تحته الكافة منهم إلا ما اقتضى الدليل إخراجه من الأطفال الذين يموتون قبل بلوغ حال التكليف، ومن المجانين الذين لا هداية لهم إلى القيام بالعبادة، فإنا نعلم بأدلة العقول خروجهم مما اقتضاه العموم، لعلمنا بأن الله سبحانه حكيم لا يكلف العباد إلا ما يمكنهم القيام بها.

  وذهبت المجبرة إلى أن الله تعالى لا يريد من أكثر الخلق وهم الكفار شيئاً من الطاعات، بل أراد منهم الكفر والمعاصي. وقد دللنا فيما تقدم على فساد ذلك، ويدل عليه


(١) سورة الذاريات آية ٥٦.