الباب السادس في ذكر التكليف وشروطه وتوابعه
  قوله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}(١) واليسر هو النفع الخالص وما يؤدي إليه، ولا شك أن الثواب أعظم المنافع، والذي يؤدي إليه الطاعات، فوجب أن يكون مريداً لها. والعسر هو الضرر الخالص وما يؤدي إليه، وأعظم المضار النار، والذي يؤدي إليها المعاصي، فوجب أن لا يكون مريداً لها.
  وذهبت المجبرة أيضاً إلى أنه يجوز منه تعالى أن يكلف ما لا يطاق. ومنهم من يقول قد وقع منه ذلك.
  والذي يدل على فساد ذلك قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}(٢)، وقوله تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}(٣)، وأمثال ذلك مما يكثر، ولأن تكليف ما لا يطاق قبيح ومعلوم قبحه عند من له تمييز من العقلاء، ولهذا يقبح تكليف
(١) سورة البقرة آية ١٨٥.
(٢) سورة البقرة آية ٢٨٦.
(٣) سورة البقرة آية ٢٣٣.