الباب السادس في ذكر التكليف وشروطه وتوابعه
  قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}(١)، فإن اللام في قوله ليزدادوا إثما هي لام العاقبة، فكانه قال: نملي لهم ونحن نعلم من حالهم أنهم يزدادون إثماً لسوء(٢) إختيارهم، فعلي هذا النحو يجري الكلام فيما هو من هذا الجنس.
  وإذا حملت هذه الآيات على هذا التاويل لم يخالف قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}(٣) وأمثالها من الآيات التي قدمنا ذكرها، ولم تخالف أدلة العقول التي دلت على عدله تعالى وحكمته وعظيم رحمته لخليقته، وأنه تعالى: {لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، كما تمدح بذلك في كتابه الكريم.
  [٢] - ومما تعلق المخالف به الآيات التي فيها ذكر الطبع
(١) سورة آل عمران آية ١٧٨.
(٢) في ب بسوء.
(٣) سورة الذاريات آية ٥٦.