خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

الباب السادس في ذكر التكليف وشروطه وتوابعه

صفحة 155 - الجزء 1

  أن الطبع هو خلق الكفر لأن الله سبحانه قد أبطل ذلك بقوله: {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}، فأخبر أن الطبع كان سببه الكفر، فلا يكون هو الكفر كما إذا قال: فأخذهم الله بذنوبهم، لم يكن الأخذ هو الذنوب، وذلك ظاهر.

  فأما ذكره الغشاوة والأكنة والأسدة⁣(⁣١)، وذكره أنهم صم بكم عمي فإن المقصود بذلك هو تمثيلهم بمن هذه حاله، لأنهم كانوا في الحقيقة كذلك، فإنا قد علمنا أنهم كانوا يبصرون ويسمعون ويعقلون ما يتصرفون فيه. فلولا⁣(⁣٢) كونهم كذلك لم يلزمهم حجة، ولكنهم لما لم ينتفعوا بأبصارهم وأسماعهم وعقولهم في أمور الدنيا صارت كالمعدومة وكالمحجوبة بالأكنة والأسدة، وما جرى هذا المجرى، كما وصفهم تعالى بأنهم صم بكم عمي، وأراد بذلك أنهم في عدم الإنتفاع بهذه الحواس والعقول في أمر الدين صاروا


(١) في ب الأشدة.

(٢) في ب ولولا.