الباب الأول في ذكر القدرية وما جاء فيهم
صفحة 38
- الجزء 1
  وما روي في الخبر من نهي النبي ÷ عن مجالستهم فلذلك وجوه ظاهرة:
  أحدها: أنهم ممن يتخذ آيات الله هزواً ولعباً، لأنهم لقولهم أن أفعال العباد كلها من الله سبحانه خلقها فيهم(١) وأوجدها، لا اختيار لهم في إيجادها، ولا قدرة لهم على تحصيلها، قد صيّروا الكتب المنزلة هزواً، لأن هذه الأفعال متى كانت من الله سبحانه لم يكن للأمر بها ولا للنهي عنها معنى، ولا للوعد والوعيد وجه، لأن من أمر غيره بما يفعله هو ويوجده دون المأمور، أو نهاه عنه، مع علمه بأن المأمور والمنهي لا صنع له في إيجاده ولا اختيار في تحصيله، فقد أتي بنهاية الهزوء والهذر الذي لا فائدة فيه ولا معنى تحته.
  فاعتقاد المضيفين لهذه الأفعال إلى الله سبحانه في
(١) في ب وأحدثها وأوجدها فيهم.