الباب الأول في ذكر القدرية وما جاء فيهم
صفحة 41
- الجزء 1
  فلزم على قولهم أن يكون بعث الأنبياء عبثاً من كل وجه، وهذا ما لا يخفى على منصف.
  وثالثها: أنهم متى قالوا بأن هذه الخبائث والمعاصي هي خلق الله تعالى في العصاة كان ذلك أعظم وجوه الإغراء بها لكل من جالسهم وسمع كلامهم من الجهال الذين تتوق أنفسهم إلى هذه المعاصي الشهية، لأنهم إذا اطلعوا من قولهم على أنهم متى أطاعوا أنفسهم في طلب شهواتهم ونيل لذاتهم فذلك شيء ليس هو منهم وإنما هو من الله خلقه فيهم وأراده منهم، لم يلبث الجهال أن يسترسلوا في كل ما تشتهيه أنفسهم من المخازي وجعلوا هذا المذهب وجه عذرهم(١). ولا شك أن كل مذهب أو قول أغرى العباد بمعاصي الله، ورخص لهم فإن اعتقاده حرام، والإصغاء إلى استماعه ربما يدعو إلى اعتقاده، فوقع النهي عن مجالسة أهله.
(١) في ب وجه عذرهم فيه.