الباب الأول في ذكر القدرية وما جاء فيهم
صفحة 42
- الجزء 1
  ورابعها: أنهم متى قالوا أن هذه الطاعات ليست من فعل العباد وإنما هي من فعل الله تعالى خلقها فيهم، وسمع ذلك من جالسهم من العامة، مع ما يعلمه من مشقة هذه الطاعة، وأنها كريهة إلى النفس، ثقيلة على الطبع، فإنه لا يعزم على تحمل مشقتها، ولا يوطن نفسه على الصبر على كلفها(١)، بل يقول إذا كانت هذه الأفعال من الله تعالى فمتى خلقها فيَّ وجدَتْ شئت أو أبيت، ومتى لم يخلقها فيَّ لم توجد، فلا معنى لعزمي عليها، ولا لمجاهدتي نفسي فيها، فتكون مجالستهم أعظم الصوارف عن طاعة الله، كما أنها أعظم الدواعي إلى معصيته(٢)، فصارت لذلك مجالستهم
(١) في ب على كلفتها. وتكلّفه تجشّمه، وحملته تكلفة إذا لم تطقه إلا تكلفاً (ترتيب القاموس ج ٤ ص ٧٥)، وتكلف الأمر تجشمه وتحمله على مشقة. (المنجد ص ٦٩٥).
(٢) في ب إلى المعصية.