الباب الأول في ذكر القدرية وما جاء فيهم
  يوجدها(١) فيهم لكانت مجالستهم خلقاً لله سبحانه أوجدها فيهم، وكذلك الكلام القبيح الذي يسمعونه عند المجالسة، وكذلك السلام عليهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم، فإذا كانت هذه الأشياء كلها خلقاً لله تعالى فيهم لم يكن للنهي فائدة أصلاً.
  وهذا بين لمن أنصف، ولا يصح قول من يقول: إن القدرية هم الذين يقولون إن العباد يتفردون بأفعالهم ويقدرون عليها، فلما أثبتوا لأنفسهم القُدرة سُمُّوا قدرية، لأنا نقول لهم إن النسبة إلى القدرة قُدْري بضم القاف وإسكان الدال، فأما القَدَري فمنسوب إلى القَدَر، فوجب أن يكون إسماً لمن أثبت القدر ولهج بذكره على ما تقدم بيانه.
  ولا يصح أيضاً قول من يقول إنكم لما نفيتم القدرعن الله تعالى في المعاصي أثبتموه لأنفسكم فيصح تسميتكم قدرية بذلك، لأنا نقول نحن ننفي عن الله سبحانه أن تكون
(١) الكلمة من نخ ب وفي الأصل لوجدها.