خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

مقدمة المؤلف

صفحة 22 - الجزء 1

  قلادة في عنق من تبعه وقلده، ولا شك أن التقليد في مسائل الأصول التي يتمكن المكلف من المصير فيها إلى العلم قبيح، لا يجوز الإقتصار عليه، لأن المقلد لا يأمن خطأ من قلده، والإقدام على ما لا يأمن كونه خطأ يقبح كما يقبح الإقدام على ما يعلم أنه خطأ، ولو جاز أن يقلد في ذلك من وثق به من مشائخ مذهبه وأعيان بلده، لجاز مثله في كل فرقة حتى يؤدي ذلك إلى جواز تقليد الملحد كما يجوز تقليد الموحد، لأن المقلد لا يفصل بينهما، وكل واثق بمن يحبه ويألفه، من شيخ أو والد أو صديق، وفي ذلك وقوع المساواة بين المحق والمبطل، وهذا باطل.

  وقد تطابق الكتاب والسنة على ما قضى به العقل من قبح التقليد وذم أهله، فقال الله سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ١٠٤}⁣(⁣١). ونحو


(١) سورة المائدة آية ١٠٤.