الباب الثالث في الإرادة
  لِلْعِبَادِ ٣١}(١)، وقال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}(٢). وهذان نصان صريحان بأنه تعالى لا يريد المعاصي قاطبة، لأن كل معصية فهي ظلم، إما لنفس العاصي أو لغيره، والله تعالى نفي بهاتين الإرادتين إرادة كل ظلم عن نفسه، لأنه أدخل حرف النفي وهو «ما»(٣) على لفظ الظلم، وهي نكرة، وذلك يقتضي العموم والإستغراق لكل ظلم كقول القائل: «ما في الدار رجل»، فإنه يقتضي نفي كل من يقع عليه إسم الرجل عن الدار، وهذا ظاهر.
  [٢] - وكذلك قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ٢٠٥}(٤). فنفى عن نفسه محبة الفساد، والمحبة
(١) سورة غافر آية ٣١.
(٢) سورة آل عمران آية ١٠٨.
(٣) في ب الذي هو ما.
(٤) سورة البقرة آية ٢٠٥.