الباب الثالث في الإرادة
  فيدل ذلك على عظيم خطأ من يقول بمثل مقالتهم، ولا شك أن المجبرة يقولون بذلك، ولا يمتنع أحدهم من أن يقول لو شاء الله ما أشرك مشرك ولا كفر كافر، فتكون الآية رداً على كل من قال بذلك(١).
  وصحت الدلالة على أن الله سبحانه قد سألهم الإيمان والانتقال عن الشرك لكنه تعالى شاء أن يؤمنوا بإختيار أنفسهم، ويؤثروا مرارة الطاعة على حلاوة المعصية، كما يختار العليل العاقل الدواء النافع مع مرارته على الطعام الضار مع لذاذته(٢)، فيستحقوا(٣) بذلك جزيل الثواب في الجنة التي حفت بالمكارة، ويسلموا به من أليم العقاب في النار التي حفت بالشهوات ... فلهذا أمكنهم(٤) من الإيمان وأقدرهم عليه، وبيّنه لهم، ورغبهم فيه، ولم يشأ تعالى أن
(١) في ب من يقول بذلك.
(٢) لذاذاً ولذاذة الشيء صار شهياً، المنجد.
(٣) في ب فيستحق بذلك الثواب.
(٤) في ب مكنهم.