خلاصة الفوائد،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

الباب الثالث في الإرادة

صفحة 100 - الجزء 1

  يدخلهم في الإيمان جبراً، ولا يحملهم عليه إضطراراً وقهراً، بأن يخلقه فيهم كما خلق فيهم ألوانهم⁣(⁣١)، ولا بأن يجبلهم⁣(⁣٢) عليه كما جبلهم على صورهم⁣(⁣٣)، ولو شاء تعالي ذلك على هذا الوجه لما امتنع منه إنس ولا جان، ولكنه لو فعل تعالى ذلك لبطل التكليف، ولاستحال الأمر والنهي، ولسقط المدح والذم والثواب والعقاب لأن شيئاً من ذلك لا يحسن وروده فيما تولى الله خلقه فيهم واضطرهم إليه. ألا ترى أنه لا يحسن شيء منه في الألوان والصور.

  فظهر بما ذكرناه أن المشيئة على ضربين مشيئة تمكين واختيار، ومشيئة جبر واضطرار، والله تعالى قد شاء من العباد كلهم الإيمان، وأراد منهم العدل والإحسان، ولكن مشيئة الاختيار لأنه تعالى مكنهم من ذلك كله وشاء منهم أن يختاروا تحمل الصبر على فعلهم كما قدمنا بيانه، ولم يشأ تعالى أن


(١) في ب ألوانهم فيهم.

(٢) في ب ولا أن يحيلهم.

(٣) في ب على ألوانهم وصورهم.